د. عمر كابو يكتب : المواصلات

المواصلات بين فاء الفشل وفاء الفساد

لأكثر من ثلاثة أشهر خلت تعيش العاصمة الخرطوم أوضاعًا مأساوية في كل شئ بلغت مرحلة لا تحتمل ومن ذلك أزمة المواصلات التي شكلت هي الأخرى أكبر معضلة تواجه المواطنين الآن ومن عدة اتجاهات وأول ذلك عدم توفرها مما حدا بالمواطنين الوقوف ساعات طوال في محطاتها انتظارًا لمركبة تقلهم وتنقلهم لمنازلهم أو لمواقع عملهم، فلا يجدونها فإن وجدت فإن سائقي المركبات يفرضون شروطهم حين يقومون بتحديد المسار ومحطة النهاية ومبلغ الأجرة والأسعار في ظل انعدام الرقابة والمساءلة والمحاسبة والتي تلاشت باسم الحرية المفترى عليها(مدنياوووو وكدة ) ولأجل ذلك أصبح من الطبيعي أن يقطع هؤلاء المواطنون مسافات طوال سيرًا على الأقدام حتى يستطيعوا الوصول إلى حيث يريدون.

رضوا وصبروا على ذلك آملين في أن تقوم حكومة حمدوك في إيجاد حلول لها ليفاجأوا بأن مبتدأ تلك الحلول جاء مخمليًّا (طق حنك ) حين أصدر وزير مجلس الوزراء توجيهه لسيارات الحكومة بنقل المواطنين نعم تفتقت عبقرية الحكومة بعد أن تلفتت يمنة ويسرة فلم تجد حلًّا غير هذا الحل، عبقرية الحكومة فات عليها صعوبة التطبيق وعدم قدرة تلك المواعين على استيعاب كل تلك الأعداد الهائلة من المواطنين ثم أهم من ذلك أن موظفي الحكومة يعملون ثماني ساعات في اليوم بينما يعود أكثر المواطنين في الليل وهو ما لايعلمه معظم طاقم حكومة حمدوك الذين عادوا بعد غياب طويل عن السودان ولا يدركون كثيرًا عن حياة المواطنين ومعاناتهم تلك، وحتى إذا سلمنا جدلا بعدم صحة ذلك فإن التنفيذ واجهته وستواجهه عقبات كثيفة سيكون من العسير تجاوزها.
ما نقول به قالت به التجربة الواقعية القصيرة المعيشة حيث وجد سائقو بعض تلك العربات عثرات حقيقية من تهديد مباشر لهم في تلك المواقف والمحطات ومنهم من دخلت معه لجان المقاومة في مشادات كادت تتحول إلى عراك؛ فأضحى الأمر في منتهى الصعوبة تنزيلًا على أرض الواقع وتطبيقا، مماخلق حالة من الاحتقان اضطر معه وزير البنى التحتية والنقل أن يخاطب جمهرة من المواطنين والذين انتظروا أن يسمعوا منه حلولًا عملية ليجدوا أنفسهم يمتطون الخيبة واليأس بدلًا من مواصلات تعيدهم لمنازلهم بعد أن شرح لهم أنه الآن(لونو فتح وفارق المعاناة بعد الاستيزار )، حيث حصر خطته كلها في أنه سيقوم بتغيير اللجنة ليتمكن من رئاستها ، وأن المواصلات ستؤول تبعيتها له، ليتفرق الجمع وقد ألجمت الدهشة لسانه حتى استكثروا جميعا التعليق إيجابًا وسلبًا.
والأوضاع المأساوية في تمددها هذه إذا بالإحباط يحاصر البلاد بسبب ذلك الخطاب الصادم الصادر من ذات الوزارة وزارة البنى التحتية والنقل والممهور بتوقيع اليساري حبيب العبيد علي يوسف مدير المكتب التنفيذي الوزاري و فحواه مخاطبته لمؤسسات الوزارة بسداد فاتورة علاج شقيقة الوزير (إي والله العظيم )، ولم ينس سيادته تحديد سقف زمني للسداد.
الآن فقط علمنا وأدركنا ما هي أسباب تفاقم أزمة المواصلات ؟
الآن فقط علمنا أية عقلية تدير النقل وتراقبه ؟
سيدي النائب العام قبل أن تجتهد في البحث والتنقيب عن قضايا مضى عليها ثلاثون عامًا أجدر بك محاصرة جرائم فترتكم الانتقالية ابتداء بهذه الجريمة التي تجسد استغلال النفوذ بامتياز ثم قبل محاكمة جرائم ١٩٩٠ نحن في انتظار لجنتك الخاصة بفض الاعتصام وهل باشرت أعمالها أم لم تبدأ بعد ؟
للأسف كل شيء ينهار أمامنا بسرعة عالية، وحتى شعارات الثورة التي حسبناها فعلا جاءت من أجل الحرية والعدالة والسلام فإنها الآن أول ما داست عليه داست على العدالة من مؤسسات العدالة التي تحولت لمنظومة تشفٍّ وتصفية حسابات، خطاب وزارة البنى التحتية والنقل يكشف بجلاء عقلية الفساد التي تحكمنا الآن للأسف باسم التغيير والإصلاح.
ترى ماذا سيقول ذلك المسرحيّ المهرج في خطبه إذا اطلع على هذا الخطاب (تبًّا لهم ) أم سيزيد الجرعة بألف تب وبصاق؟!
بقي أن نذكر أن حبيب العبيد هذا هو عضو لجنة إصلاح الخدمة المدنية (إي والله ) لكن ستزول دهشتكم حين تعلمون أنه شيوعي ملتزم بحركة حق وستنتهي دهشتكم نهائيًّا حين تدركون أنه عضو تنسيقية (قحط ) وبرضو تقولو لي الشيوعين (نضاف).

زر الذهاب إلى الأعلى