ماهي الأسماء والكلمات التي علمها الله لآدم عليه السلام؟!

عادل عسوم يكتب: خواطر في رحاب سورة البقرة

{وعَلَّمَ آدَمَ الأسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الملائكه فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} سورة البقرة 31

الأسماء التي علَّمها الله لآدم ليس فيها نصٌّ جلي وصريح، وكل ما ورد في ذلك أقوال اجتهادية.

قال ابن عباس: علَّمه أسماء كل شيء حتى الجَفْنة والمِحْلب.

وقال الطبري: علَّمه أسماء الملائكة وذريته، واختار هذا ورجَّحه بقوله: {ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ}.

وَذَكَرَ القُرْطبي أقْوَالًا أُخْرَى، واختار أنه علَّمه أسماء جميع الأشياء كلها جليلها وحقيرها.

وسرد الأقوال في هذه المسألة الحافظ ابن حجر في الفتح فقال: واختلف في المراد بالأسماء: فقيل: أسماء ذريته، وقيل: أسماء الملائكة، وقيل: أسماء الأجناس دون أنواعها، وقيل: أسماء كل ما في الأرض، وقيل: أسماء كل شيء حتى القصعة.

وذكر الإمام الشوكاني في فتح القدير: والأسماء هي العبارات والمراد أسماء المسميات، وقد قال بذلك أكثر العلماء وهو المعنى الحقيقي للاسم والتأكيد بقوله: “كلها” يفيد أنه علمه جميع الأسماء ولم يخرج عن هذا شيء منها كائنا ما كان.

ولقد أورد الإمام الفخر الرازي: {وَعَلَّمَ آدَمَ ال أسماء كُلَّهَا} أي علمه صفات الأشياء ونعوتها وخواصها، والدليل عليه أن الاسم اشتقاقه إما من السمة أو من السمو، فإن كان من السمة كان الاسم هو العلامة وصفات الأشياء ونعوتها وخواصها دالة على ماهياتها، فصح أن يكون المراد من الأسماء: الصفات.

وإن كان من السمو فكذلك لأن دليل الشيء كالمرتفع على ذلك الشيء فإن العلم بالدليل حاصل قبل العلم بالمدلول، فكان الدليل أسمى في الحقيقة، فثبت أنه لا امتناع في اللغة أن يكون المراد من الاسم الصفة، بقي أن أهل النحو خصصوا لفظ الاسم بالألفاظ المخصوصة، ولكن ذلك عرف حادث لا اعتبار به، وإذا ثبت أن هذا التفسير ممكن بحسب اللغة وجب أن يكون هو المراد لا غيره، لوجوه:

أحدها: أن الفضيلة في معرفة حقائق الأشياء أكثر من الفضيلة في معرفة أسمائها، وحمل الكلام المذكور لإظهار الفضيلة على ما يوجب مزيد الفضيلة، أولى من حمله على ما ليس كذلك.

وثانيها: أن التحدي إنما يجوز ويحسن بما يتمكن السامع من مثله في الجملة، ويكون عالمًا باللغة والفصاحة.

وذلك يقتضي في تلك الأسماء أنها كانت أسماء قبل ذلك التعليم، وإذا كان كذلك كانت اللغات حاصلة قبل ذلك التعليم.

انتهى.

أقول وبالله التوفيق بأن الذي ذهب إليه الفخر الرازي رحمه الله هو الأرجح عندي، وأن الملائكة عليهم السلام كانوا يعلمون اسماء الخلائق والأشياء، لكنهم لم يوهبوا القدرة على معرفة مدلولات الأسماء ومااخفاه الله فيها من ابعاد ومعان وحقائق ومرادات جعلها الله في الاسم أو الكلمة، ولعلي هنا ادلل بالكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، وأهل التفسير يكادون بجمعون بأنها المذكورة في سورة الأعراف في قوله تعالى: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} الأعراف 23 وقيل هي: (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك، لا إله إلا أنت ظلمت نفسي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت).

وكذلك ماهية كلمات الباقيات الصالحات، وهي التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، والحوقلة، كل هذه اسماء وكلمات يمكن ان يعلمها أيما بن آدم أو ملك، ان كان بالقراءة أو التلقين، ولكن لا احد منهم يستطيع معرفة فضيلتها وحقيقة كل اسم وكلمة ومرادات الله التي جعلها فيها إلا بوحي منه جل في علاه او قدرة عقلية يهبها الله له، أو (تقوى) توصل ترتقي بالعابد نتاج تدرجه في مدارج السالكين إلى الله فينعم بنور وبصيرة و(علم لدني) يتبين به.

وعليه فقد جعل الله وأودع في كلمات هذا القرآن الكريم وكذلك في أسمائه الحسنى وصفاته العلى من الأسرار مالايعلمه الذي ينطق بالاسم مجرد نطق بلسانه تعلما قراءة أو تلقينا.

وهناك اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب جل في علاه، وهو الاسم الذي دعاه به ذاك العابد الذي أتى بعرش بلقيس قبل أن يرتد بصر نبي الله سليمان، ومن الأسماء والكلمات ما يكون سببا في الشفاء بفضل الله، عَنْ عثمَان بنِ أَبِي العاص الثقفِي، أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وجعا يجِده في جسده منذ أَسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلمَ: ضَعْ يَدَكَ علَى الذي تَأَلَّمَ مِن جَسَدِكَ، وَقُلْ باسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ باللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ ما أَجِدُ وَأُحَاذِر”.

اللهم علمنا اسمك الأعظم وما اودعته من أسرار في أسمائك الحسنى وصفاتك العلى، وهبنا يالطيف من نورك ما تنجلي به بصائرنا، واكتب لنا رضوانك ياكريم، انك ياربنا ولي ذلك والقادر عليه.

وإلى المقال السابع بحول الله.

 

زر الذهاب إلى الأعلى