آراء

فضل الله رابح يكتب: ما بين المثالية الصورية والواقع ..!

ظللت أتابع منذ مدة واقع الولايات ووضع الحكم المحلي فيها بعد التغيير وفي ظل الحكم الانتقالي، لاحظت تعطيل متعمد للحكم المحلي ومحاولات مركزية مستميتة لعودة المركزية القابضة ودمار وتدمير لبنية ومستويات الحكم المحلي.

ولما لم تتمكن الحكومة المركزية من تنفيذ فلسفتها للسيطرة وتعيين ولاة مدنيين تنفذ من خلالهم مشروعها التدميري الشامل لجأت الي تكسير مراكز القوي السياسية والاجتماعية بالولايات والمحليات (الإدارات الاهليةـ اللجان المجتمعية والشعبيةـ بيوتات المال والاعمال والمشايخ الدينية).

وذلك حتي لا تقف حائلاً أمام المشروع الماركسي التدميري الذي يعمل بقوة كي يصبح قوة سياسية واجتماعية نامية تحرك وتتحرك وسط المجتمع بعد أن أحكمت السيطرة علي مستوي الخطاب الخارجي.

السؤال : هل المجتمع بالولايات والمحليات استجاب للصعود المباشر وغير المباشر للماركسية ـ ام أنه واعي؟ الواقع يجيب بلا، والمجتمع صاحي وأكثر وعياً لأن فلسفة العقول اليسارية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التاريخية كانت ضد مسيرة هذا المجتمع المحترم وتطوره.

لذلك ومع معاناة الولايات وما تعيشه من ضنك نبتت مخاوف التفريط القديم ونشوء الماركسية من جديد تحت الضغوط الاقتصادية والسياسية لتصبح من بعد قوة فعالة وتنظيم يعيد لنا تعاليم وأطروحات اليسار الفكرية والاجتماعية.

ومن شكل الإلحاح والضغط لتغيير مناهج التعليم وإثارة الاهتمام بمنابع الثقافة والفكر بدرجة تعدت الحدود العالية لاية حكومة يجعل كل من يتابع يري ان وراء القصة سياسة وتنظيم جديد يريد تعقيم المجتمع من ماضيه وإجراء عملية غسيل شامل.

وهذا بدوره استجر بطبيعة الحال تساؤلات وردود أفعال غير عادية وسط المجتمع بل فوق العادية بعد اهمال حقوق ومكاسب المجتمعات الولائية ،إن المجتمع السوداني بشكله الحالي رافض لاي فلسفة غربية لا تراعي مشاعره وحقوقه ناهيك ان تكون فلسفة ماركسية أخفقت في بلدان نشوئها برغم مثاليتها غير الواقعية.

المجتمع السوداني رافض لأي عملية إعادة صياغة للأطروحات الماركسية سواء كانت الاقتصادية او الثقافية او السياسية لذلك كل الذي يجري الآن محاولة حقن المجتمع بإبر مخدرة تجعله يسمح بتحقيق تقدم سياسي مع مقاومة من عدة اتجاهات أقواها مقاومة المكون العسكري الذي هو نبت من بذرة هذا المجتمع بكل تفاصيله ومنطلقاته وتنوعه.

فالمؤسسة العسكرية هي الأحرص علي المحافظة علي وحدة وتماسك المجتمع ـ وفي الوقت الذي تشغل به الحكومة بال المجتمع العاصمي بأفكار نمطية ومثالية صورية هناك المجتمع في الولايات البعيدة يعيش حالة من الغليان والاستياء لما يعانيه من واقع خدمي ومعيشي بائس.

واتضح له إخفاق الحكومة وحاضنتها السياسية قوي الحرية والتغيير في وضع حلول لمشكلاته وأول ما اتضح له الفشل في تطبيق الشعار ـ حرية سلام وعدالة وعلي ذلك قس ـ والمتوقع ان يقود مجتمع الولايات ثورة علي جميع الأصعدة وتشمل كل الجبهات.

ثورة تتعدي حدود العادي والمألوف في مجالات الصراع الفكري والسياسي رافضا من خلالها المثاليات التي يبديها الناشطين ومحاولاتهم الهائه عن قضاياه الأساسية الي ثار من أجلها الي جانب ذلك حالة انسداد الأفق وحالة التراجع الذي تعانيه البلاد في كل شئ والمحاولات المستمرة التي تهدف الي تضليل المجتمع وإبعاده عن خصائصه ومميزاته التي لا يقبل التفريط فيها.

زر الذهاب إلى الأعلى