إبراهيم عربي يكتب: «المزارع».. حمد زرع وما حصد!

المعادلة الزراعية في السودان مقلوبة، فقد ظل المزارع طوال مسيرته الزراعية في ظل حكوماته الوطنية المتعاقبة يعاني تقلبات الظروف المناخية (يزرع ويكدب او يحش) مرة ومرات ويطارد الري ويتضرع الي الله سبحانه وتعالي بان يمطره مطرا نافعا غير ضار.

ولكن من المؤسف ان يزرع حمد ولم يحصد لنفسه، بل يزرع وتحصد الحكومة والرأسمالية (الماسونية) ما زرعه ، ويروح شقاه وتذهب جهوده أدراج الرياح وتعود الساقية من جديد كل عام بذات الطريقة وذات السيناريوهات.

في بلاد يحترف أهلها الزراعة بشقيها النباتي والحيواني بأكثر من 90%، فماذا قدمت الحكومة لحمد حتي تحصد ما زرعه هذا المزارع المسكين الشقيان المغلوب علي أمره؟.

مع الاسف ظلمت الإنقاذ هذا المزارع تماما، كما أهملته كافة الحكومات المتعاقبة، ولكنه استبشر في الثورة خيراً، وارتفعت آماله وطموحاته أكثر برئيس مجلس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك الخبير المتخصص في الإقتصاد الزراعي والأقرب إليهم.

وكان المأمول منه ان يقف بجانب المزارعين عادلاً وداعماً ومشجعاً ومنصفاً لهم، وليس ظالماً لهم مثلما جاء في قرار حكومته الذي أصدره بشأن إحتكار شراء القمح.

فالقرار الذي أصدره السيد رئيس الوزراء إحتكر شراء القمح المحلي للبنك الزراعي السوداني بالسعر المحدد (3) آلاف جنيه، فلماذا لا يوجه رئيس مجلس الوزراء بشراء القمح حسب السعر الجاري بالسوق تجاوز (4) آلاف جنيه للجوال، أو سعر تركيزي بالتشاور مع المزارعين؟ فلماذا يسلب السيد حمدوك المزارع حقه لمصلحة البنك الزراعي السوداني (بنك الحكومة) الذي ظل يرضع من ثدي المزارعين طوال مسيرته.

غض النظر عن القانون والجدل الدائر في كيفية تطبيقه علي أرض الواقع ، فإننا لا نشجع المزارع علي التمرد علي سلطان الدولة كما صرح أهالينا بحلفا الجديدة ولكن فلماذا تحتكر الحكومة القمح لنفسها عبر البنك الزراعي بسعر أقل من السعر الجاري؟ صحيح ان مجلس الوزراء رفع السعر التركيزي للقمح من (2500-3000) جنية قال تشجيعا لزراعة القمح ولكنها كلمة حق اريد بها باطلا.

فالمزارع هذا اذا زرع اي من المحاصيل النقدية او البقوليات من غير القمح، مثل الكبكبي أو اللوبيا العدسية او الفاصوليا او البصل او غيرها سيجني أضعافا مضاعفة من العائد المادي في ظل تصاعد الأسعار وانفلات السوق.

إذا مادام القمح سلعة استراتيجية لا تتوفر إلا بالدولار وبالذلة والإهانة والحكومة وجدت ذلك بالسعر المحلي نوعا وجودة وإنتاج جديد، لماذا لا تشتري هذه الحكومة هذا القمح بذات السعر التجاري الجاري؟.

الحمد لله ان إنتاج القمح لهذا العام جيداً، ربما يتجاوز (30) جوال للفدان وقد تتجاوز المساحات المزروعة (780) ألف فدان، وبالتالي يتوقع ان تتجاوز حصيلة الإنتاج (مليون) طن أي يغطي أكثر من 40% من الاستهلاك الذي يتجاوز (2,25) مليون طن من القمح في العام، إذا نحن في حاجة لخطة لزيادة الرقعة الزراعية من القمح وزيادة الإنتاج أفقيا ورأسيا، وتمزيق فاتورة استيراد القمح وتوفير(2) مليار دولار محليا.

فالبلاد حباها الله بأكثر من (200) مليون فدان ارض صالحة للزراعة متعددة السمات ولا يتجاوز المستغل منها (45) مليون فدان، منها (4,5) مليون فدان فقط مروي، ومنها كما ذكرنا (780) الف فدان قمح، لماذا لا نضاعف هذه المساحة أضعافا مضاعفة؟.

بينما تتجاوز كمية الأمطار السنوية التي تهطل علي أراضينا (ألف) مليار متر مكعب من المياه العذبة تحملها الوديان والخيران والأنهر لتحدث خسائر سنوياً في الأرواح والممتلكات وتذهب منها اكثر من (300) مليار متر مكعب للنيل، ولم نستفيد من حصتنا المحددة من مياه النيل، إذا لماذا لا نخطط صحيحا لنملك قوتنا وقرارنا والحل بين أيدينا، لمن تريد أن ترهن بلادنا يا حمدوك وتشردنا وتجفف مزارعنا؟.

أين ذهبت مكرمة المملكة العربية السعودية من السماد مجانا، بالطبع لم يذهب للمزارع مجانا بل بأسعار من السوق، ألم أقل لكم أن حكومتنا تدعم بنكها ونفسها علي حساب المزارع المسكين الذي يزرع  ويخسر والحكومة بجيشها من الماسونية تحصد وتكسب وتربح، مع الاسف الحرية والتغيير (قحت) حسبناها فزعا فجاءت وجعا (الضرب علي الميت حرام) .

العالم من حولنا يتطور، والمزارع يتنعم فماذا عملت حكومة حمدوك من خطة بشأن التغيرات المناخية، وماذا اعدت للمزارع من دعم في مجالات الزراعة من تقانة وإرشاد وتوفير مدخلات إنتاج إن لم يكن مجانا فليكن بأسعار مشجعة وليست منفرة وليكن شراء القمح بسعر السوق وليس بالجبروت.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى