إبراهيم عربي: القومة للسودان .. كم إنت عزيز يا وطني !

(القومة للسودان) مبادرة كريمة أطلقها السيد رئيس مجلس الوزراء الإنتقالي الدكتور عبد الله حمدوك ، قال أنها للبناء والتعمير ، مبادرة تدعو للتعاون والتكاتف والاتحاد من أجل الوطن ، تستحق منا جميعا (القومة للسودان .. الوطن) ، فلا مزاودة في الوطن ولا تقاعس عند نداء الوطن ، بلاشك إنها مبادرة ظلت تختلج في دواخل كل سوداني وطني غيور لأجل الوطن .
إذ يختلف جميعنا آيديلوجيا وثقافيا وإقتصاديا وإجتماعيا ولكننا بلاشك نتفق في قضايا الوطن لاجل الوطن ويظل الوطن السودان (خطا أحمرا) كما ظل يغرد مجذوب أنسة (ﻋﺰﻳﺰ ﺍﻧﺖ ﻳﺎ ﻭﻃﻨﻲ ﺑﺮﻏﻢ ﻗﺴﺎﻭﺓ ﺍﻟﻤﺤﻦ .. ﺑﺮﻏﻢ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﺍﻟﻤﺸﻮﺍﺭ ﻭﺭﻏﻢ ﺿﺮﺍﻭﺓ ﺍﻟﺘﻴﺎﺭ .. ﺳﻨﻌﻤﻞ ﻧﺤﻦ ﻳﺎ ﻭﻃﻨﻲ ﻟﻨﻌﺒﺮ ﺣﺎﺟﺰ ﺍﻟﺰﻣﻦ) ، اسألوا الاخوة الفلسطينيين عن اهمية الوطن ، وأسالوا الأخوة السوريين والليبيين والصوماليين واسالوا اهل اليمن الشقيق وغيرهم واسألوا أهل العراق فاسألوا شاعرهم الكبير كاظم اسماعيل حينما صرخ في قصيدته الوطنية (المضيع وطن) !.
لقد اطلق ناشطون من قبل العديد من المبادرات والمقترحات إسفيريا لدعم الوطن (دولار الكرامة .. جرام الوطن وغيره) ولم تكن الأولي وقد سبقتها مبادرات أخر كثر ضجت بها مواقع التواصل الإجتماعي ولكنها دون خطة ، عمليا لأهلنا في شمال كردفان تجربة نفير النهضة ، مهما تباينت الرؤي حولها فكانت مبادرة وحدت لحمة الكردافة حيث تلاحم وتفاعل معها الجميع وحققت قدرا معتبرا من خطتها التنموية والخدمية والنهضوية ، وكان لمولانا أحمد هارون (فك الله أسر) ومن قبله فقيد الامة الكردفانية سوار الدهب (رحمة الله عليه) القدح المعلي في النجاح قبل مقتلها من قبل أصحاب النظرة القاصرة أعداء النجاح وأعداء الوطن .
ولذلك تظل مبادرة السيد رئيس الوزراء الإنتقالي (القومة للسودان) مكان ترحيب وقبول وسطنا جميعا بإعتبارها هما وطنيا خالصا وليس جديد علي أهل السودان ، فقد دفعنا من قبل في السبعينات من القرن الماضي في عهد حكومة مايو (جنيه الكرامة) للموظفين و(قرش الكرامة) للطلاب لسداد ديون غذافي ليبيا علينا لأجل عزة وكرامة السودان وكان بمثابة تحديا معتبرا لتكاتف أهل السودان من اجل العزة والكرامة ، وبلا شك ترخص أرواحنا فداء للوطن ، وللإنقاذ تجارب عملية لدعم قضايا الوطن مهما إختلفنا حولها ولكنها حققت قدرا من تفاعل المجتمع وليس هنالك أغلي من تبرع النساء بالحلي ودفع الشباب بأنفسهم رخيصة في سبيل الوطن فجميعا قدم الغالي والنفيس لدعم الوطن .
ولكن لماذا جاءت المبادرة (مهزوزة) وكأن رئيس الوزراء جاء بها مدفوعا غير مقتنع بها أو كأنه مكسوف من إعلانها ؟ أين مستشاروه اليوريون ودجاجه الدولاري ؟ وقيادان وخبراء الإعلام والتروبج من حوله ، نخشي أن تكون بذاتها مبادرة إختطفتها مكونات الحرية والتغيير (قحت) من الخپراء الوطنيون الذين يخططون لدعم الوطن عبر (حكومة كفاءات قومية) ، وقد تكون بذاتها بشريات وجدي صالح التي زفها لأنصارهم حينما وصفها بالمفاجأة التي تنهي كافة مشاكل السودان وقالها بعد يومين تتخابط المكرفونات بنزول الأسعار بالأسواق ، مع الأسف بعد يومين تضاعفت الأسعار يا وجدي ، واعتقد ان امثال هؤلاء من أفشلوا حمدوك وأفسدوا الثورة وجعلوا تحالف الحرية والتغيير (قحت) بلا عنوان !.
مع الأسف افسدت كيفية طرح المبادرة وطريقتها وتوقيتها المبادرة نفسها ، أكتب هذه الكلمات بنبض الشارع وانا في صف الرغيف منذ صلاة الفجر ، فقد جاءت المبادرة في وقت يعاني فيه كثيرنا شظف العيش وغول السوق وندرة السلع والخدمات وكثيرنا مشغول بتوفير الخبز والوقود والغاز ، جاءت المبادرة في وقت يعاني فيه الجميع مأساة جائحة الكورونا (الحرب العالمية الثالثة) والتي تطابقت عندها الأزمات الدولية والإقليمية والمحلية .
غير أن إلمبادرة جاءت بلا خطة وغير مقنعة الطرح والأهداف ، وقد هزمتها التبرعات الإسفيرية الكاذبة (الفشنك) والتي سارعت شخصيات مثل عبد الواحد نور والخندقاوي وغيرهم لنفيها ، فضلا عن توقيتها غير المناسب في وقت تداولت فيه الأنباء ان الحكومة إستدانت من صندوق الضمان الإجتماعي لتوفير مبلغ (70) مليون دولار من السوق لدفعها لامريكا فأدت لإرتفاع الدولار إلي (140) جنيه في وقت تعاني فيه البلاد الأزمات وتهددها إضراب المخابز وتتابع الأزمات ورمضان علي الأبواب ، علي العموم تركت المبادرة تساؤلات وخلفت شكوك .
فى إعتقادى أن المبادرة إفتقدت الخطة والهدف وأخطأت التوقيت ، وتعزز تلك فرضية سرقتها من تحت طاولة الخبراء في جنح الظلام بإعتبارها مبادرة لمابعد السلام ، ولكن بلا شك السودان وطن زاخر بأهله وخيراته وفي حاجة لمشروع وطني يلتف حوله الجميع لاجل الوطن .