كفاءة العسكر.. ونكبة «قحت»

أظل دائما افرق بين ثورة ديسمبر المجيدة وبين قوى الحرية والتغيير، فلا شيء يجمع بينهما البتة، إذ قامت الثورة بصورة عفوية قبل أن تختطفها قوى اليسار بعد عدة أيام وتزرع وسط الثوار أولئك الشباب “أصحاب شنط الظهر والشعر المفلفل”.
مثلت هذه الهبة – بتضحية شهداء الوطن – أعظم ملحمة ثورية تنظر للحرية والعدالة بكل شغف وبسالة فاقت ثورة أبريل ضد جعفر نميري، لتحفر في التاريخ سجلا خالدا ستتحدث به الأجيال القادمة لفترة طويلة.
للأسف اختطفت قوى اليسار هذه الثورة العظيمة، لتدنس ثوبها الأبيض بفشل ذريع في توفير قوت المواطن بصورة لم تحدث منذ نيل السودان لاستقلاله، والسبب الأبرز هو ضعف خبرات الوزراء – حملة الجوازات الأجنبية – في إدارة الحكم.
وأكبر دليل على قلة حيلة الحكومة المدنية في إيجاد الحلول للأزمات، هو إسناد آلية الطواريء الاقتصادية “للعسكري” حميدتي ليرأس حملة الدكتوراة في الاقتصاد والتجارة بالإضافة لذاك الخبير في الأمم المتحدة.
نعم هو نفسه حميدتي الذي قالوا فيه – كوزراء وناشطين ومقاومة – مالم يقله مالك في الخمر، ورغم ذلك “حنسوه” بدل المرة مرتين ليرأسهم او بالأحرى لينقذهم ويبيض وجههم أمام جماهير الشعب الصابرة والمغلوبة على أمرها.
أما فيما يخص الطب، فإن من يدير لجنة الطواريء الصحية هو “العسكري” إبراهيم جابر في وجود وزير الصحة الذي يتعامل مع الإعلان عن حالات كورونا كمن يذيع خبرا عاجلا عن نتيجة مباراة لحظة إنتهاء زمنها الرسمي.
بالله عليكم ما الداعي لإعلان عدد الحالات الساعة 4 صباحا؟ ألا يمكن الانتظار حتى العاشرة صباحا مثلا؟ لماذا يستيقظ المواطن على خبر إصابة 25 شخصا؟ في كل دول العالم يتم اعلان الحالات ظهرا او عصرا.
صدعوا رؤوسنا بالحكومة المدنية لنكتشف بعد أكثر من 6 شهور ان العسكر هم من يحكمون الوزراء المدنيين أنفسهم، ناهيك عن الشعب، ونتذكر جميعا لقاء “العسكري” البرهان بنتنياهو الذي سمعت به وزير الخارجية مع العامة.
خلاصة الحديث فقد أثبت العسكر نجاحا كبيرا في تسيير الدولة المدنية بعد الثورة، وهذا يلغي تماما كفاءات الوزراء المزعومة، وانهم مجرد محاصصات حزبية، لذلك الشعب سيقف مع من يوفر له القوت وسترون قريبا مليونية “شكرا حميدتي”.