د.عمر كابو يكتب : من شرفة لقاء وزير العدل و اعتقال السياسيين

ما إن وطأت أقدامي وزارة العدل بعد فترة غياب طويلة تلك الوزارة التي شرفتني بأن أكون عضوًا في لجنة إعداد مسودة قانون الصحافة ثم للمرة الثانية نلت شرف أن أكون عضوًا في اللجنة العليا لمؤتمر وزراء العدل العرب ثم عضوًا دائمًا باللجنة الإعلامية الدائمة للبروفيسور مولانا محمد أحمد سالم وزير العدل الأسبق وأحد أبرز علماء السودان في القانون الدستوري المقارن، جال بخاطري وزراء شرف بهم منصب وزير العدل في قامة دكتور حسن الترابي ومولانا علي عثمان محمد يس و بروفيسور محمد أحمد سالم و علي كرتي وعبد الباسط سبدرات و محمد علي المرضي و دكتور عوض الحسن النور العالم الكبير والمرجع القانوني العظيم و الأديب القانوني الضليع إدريس إبراهيم الجميل وأبوبكر دقدق و نعمات الحويرص وتهاني تور الدبة والثلاثي الأخير وزراء دولة بها.

جئنا كنقابة محامين للإجتماع مع وزيرها و بعد الترحيب الرحيب من أركان سلم الوزير جلسنا حيث انتهى بنا المجلس مع السيد النقيب ومن ثم استقبلنا السيد الوزير استقبالًا حاراً مرحباً بقدومنا و معتذرًا منا عن تأخر هذا اللقاء.

بادله مولانا عثمان محمد الشريف نقيب المحامين التحايا داعياً له بالتوفيق مؤكداً على أهمية بذل الجهود من الأسرة العدلية في تمكين العدل قيمة جوهرية في حياة الناس معدداً جهود النقابة من أجل سيادة دولة القانون و مجهوداتها الكبيرة في رفد التجربة القانونية و المساهمة في تطورها  من خلال مشاركة المحامين المتواصلة و المستمرة في لجان التشريعات المختلفة و التي توجت بالمساهمة الكبيرة من النقابة في تقديم مسودة مشروع دستور انتقالي متكامل للفترة الانتقالية  كان يمكن أن تخرج البلاد من العلل الكثيفة التي صاحبت الوثيقة الدستورية الحالية.

أبدينا أسفًا عظيمًا أن ترفض الوزارة التغطية الإعلامية لهذا الاجتماع المهم و التوثيق لها  مستفيدين من أريحية الوزير في أن أحدثه حديث صراحة و وضوح في رفضنا لهذا المسلك و قد اعتذر منا و قبلنا اعتذاره بعد أن أبان بأن ذلك قد تم في إطار تدابير و ترتيبات الوزارة لملف الإعلام فيها خاصة أنه استشعر  حرجاً مما ذكرناه به أن الثورة كانت قد دعت لانتهاج منهج الشفافية والإفصاح و الدعوة إلى تمليك المواطنين الحقائق (مضى زمان الغتغتة و الدسديس).

بدأ لي أن الوزير شاب يتمتع ببعض الصفات التي تحتاج لمن يأخذ بيده في دهاليز السياسة ليطورها و ينميها حتى تستفيد منه البلاد و من ذلك قدرته على التعبير عن قناعاته غض النظر عن مدى دقتها و صحتها، بجانب قدرته الفائقة  على الاستماع  و الإنصات للآخرين  فنشهد له أنه طوال مداخلاتنا لم يتبرم أو يضق ذرعًا بها رغم أنها ربما عبرت عن وجهات تنظر لا تتفق مع قناعاته وما يؤمن بها من أفكار وبالرغم من ذلك صبر عليها.

فقط ما لفت انتباهي فيه أنه ربما ظهر كمن ينفذ في خط متفق عليه و مرسوم له بعناية دون أن يكون له الخيرة من أمره أو حتى حق تقدير المواقف و هي ملاحظة تنطبق أيضا على بقية زملائه في حكومة حمدوك مما أصاب أدائها بالكسل و الخمول فبانت للناس  فاترة كسيحة و أفقدها تلك الشعبية الكبيرة.

فقد عبر السيد الوزير عن آراء و  كثير مما يعتنقه من رؤى و أفكار و على طريقته  احتاجت و تحتاج  لتدقيق حتى لا تحسب عليه  مثل سالفتها و على سبيل المثال لا الحصر أنه قال بتعدد الأديان في السودان وهو قول يكذبه الواقع فالأمة السودانية من بعد انفصال الجنوب أمة مسلمة ماعدا قلة قليلة من إخواننا المسيحيين الذين لا تتجاوز نسبتهم ٢%، و عليه فإن كل رأي بُنِيَ على ذلك يحتاج منه إلى مراجعة.

لابد أن أسجل له حسن استقباله إيانا و حفاوته بنا بل واصراره على وداع سعادة النقيب حتى بوابة المصعد الكهربائي (الأسانسير) في تواضع وكرم نفس وسماحة لمسناها فيه، أظن أن هذا اللقاء اكتسب قيمته من قيمة المداخلات و الملاحظات الرصينة  التي برع فيها النقيب و بقية العقد النضيد من وفد النقابة يا ليت لو يتاح لي التعليق عليها لما فيها موضوعية و منطق وسديد رأي و التي ربما صلحت لإخراج البلاد من عنق الزجاجة وحالة السيولة العامة التي جعلت بلادنا مفتوحة على كل الاحتمالات ؛ لكن مما يجدر الإشارة إليه أنني أحسست بأن الوزير ربما شعر بخطأ و خطل نظرية الأحكام المسبقة على الأخرين و ضرورة التواصل و الاستماع  للآخر على الأقل من باب نصف رأيك عند أخيك، حتماً سأعود لذلك اللقاء فقط ما يشغلني بوصفي قانونيًّا الآن وجود معتقلين سياسيين دون أن تطرف للأجهزة العدلية عين ( و برضو تقول لي حرية سلام و عدالة).

د.عمر كابو المحامي

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى