آراء

ابراهيم عثمان يكتب:الاقتصاد السياسي للصغيرونة

(الفترة الانتقالية لا تزال عرجاء، تتعثر خطواتها حتى تكاد، أو كادت، أن تسقط، ومنذ فترة، لولا أن جذوة الثورة لاتزال متقدة في جماهير الشعب السوداني،

ولولا وقوف شباب لجان المقاومة بالمرصاد تجاه كل من تسول له أوهامه الانقضاض على أحلامهم وسد نافذة الأمل التي أشرعوها بعزيمتهم وقوة إرادتهم،

ولولا جائحة الكورونا، والتي إضافة إلى دورها الفتّاك والمدمّر، تلعب الآن دور الساتر والمثبّط المؤقت، الذي يؤجل، ولا يمنع، التداعيات المخيفة للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة في سودان ما بعد الثورة) – د. الشفيع خضر .

لم تكن إشارة د. الشفيع إلى الأثر السياسي (الإيجابي) للكورونا أمراً مفاجئاً، فعلامات احتفاء الحكومة بمقدم الكورونا لم يكن أمراً مخفياً، لا سيما عند وزير الصحة

، لقد كانت حاجة الحكومة واضحة إلى ساتر أو مثبط مؤقت كما اعترف د. الشفيع في شجاعة تُحمَد له، فهو، حسب علمي، أول قيادي كبير يعترف بالدور السياسي (الإيجابي) للجائحة في حماية حكومة قحت

، وهو الدور الذي وضعه على قدم المساواة مع دور “الشعب السوداني” و لجان المقاومة !! ، واعترف أيضاً ب (دورها الفتاك والمدمر) . ويحق لنا هنا أن نتساءل دون أن نُتَّهَم بتفتيش الضمائر أو محاكمتها:

⁃ تُرى ما هو شعور القحاتة تجاه الصغيرونة التي “سترت” و” ثبّطت” من جهة، و”دمّرت” و “فتكت” من جهة أخرى وهي تقف جنباً إلى جنب “الشعب السوداني” ولجان المقاومة في حماية حكومة قحت ؟

هل هو شعور عدم الارتباح للصغيرونة حتى لو كانت قحت بدونها قد سقطت الآن ؟

⁃ أم هو شعور الامتنان لعظم الخدمة التي قدَّمتها للقحاتة تحديداً وتفوقها على الفتك الذي لم يدفعوا ثمنه بصورة مباشرة ؟

⁃ أم هو شعور حيادي لأنهم، مثلاً، يعتقدون بأن المكسب يساوي الخسارة؟

⁃ وإذا كان القحاتة يعلمون بأنهم في ورطة كبرى تصل إلى درجة السقوط، ومن حديث العراب يتضح أنهم كانوا يعلمون، فهل في سيرة قحت الأخلاقية، ما يجعلها تفضل السقوط على استخدام هذا الساتر/ المثبط ؟

⁃ ما هو تفسير مسارعة الوزير إلى إعلان دخول الوباء مستغلاً حالة وفاة كان يعلم بأنها غير مصابة بدليل إنه اضطر إلى الإعتذار بعد طول مكابرة ؟ ألم يكن في ذلك مسارعة إلى الوقوف خلف الساتر ؟

⁃ أليس في الجزم بدخول الكورونا، إضافة إلى وصفها بالصغيرة، وتسييسها، وفي الجزم بالقدرة عليها، ما يشي بأن القيادة، ممثلة في وزير الصحة، كانت ترى بأنها ستكون ساتراً ومثبطاً قليل الكلفة عظيم الفائدة ؟

⁃ كيف دخلت الكورونا أصلاً بعد إعلانها جائحة عالمية؟ أليس بعد إدخال أعداد معقولة من القادمين من الدول الموبوءة وعدم حجرهم ، ثم منع القادمين بعد ثبوت أن العدد الذي دخل قد حقق نبوءة الوزير (حتخش الكورونا)؟

⁃ كيف دخلت الصغيرونة إلى السجون، رغم الحجر الطبيعي المشدد، وانتقت تحديداً السجناء السياسيين ؟

هذا عن مكاسب الصغيرونة التي ثبت لاحقاً أنها ليست صغيرونة كما وعد الوزير وهو يبشرنا بمقدمها، فماذا عن خسائرها ؟ :

⁃ ما حجم الخسارة التي يمكن أن تلحق بصورة الحكومة إذا اقتنع عدد كبير من الشعب بأن الحكومة لم تعمل بقوة ضد الساتر/المثبط ولم تفضِّل أن تواجه مصيرها بدونه ؟

⁃ ماذا عن الملايين ممن يعتاشون برزق اليوم باليوم، وقد تم حجرهم وقطع رزقهم، ماذا إن غلب على ظنهم أن الحكومة قد استخدمت الساتر/المثبط وكان النتيجة هي معاناتهم الحالية ؟

⁃ ماذا عن موقف المئات الذين أصابتهم الكورونا بسبب تقصير الحكومة في حجر القادمين من الدول الموبوءة، مع وجود شبهة الاستفادة حسب نظرية الساتر/المثبط، وماذا عن موقف أسرهم وأقاربهم وأصدقائهم ومعارفهم؟

⁃ ماذا عن الأموال التي وصلت من الخارج وانعكست في شكل شبه انهيار للقطاع الصحي؟

⁃ ماذا عن المرضى بغير الكورونا الذين لا يجدون العلاج بسبب تداعيات الساتر ؟
⁃ ماذا عن أسر وأقارب المرضى الذين توفوا وهم يبحثون عن مستشفى ؟

⁃ ماذا عن تأثير اعتراف بعض أطراف الحكومة بسوء أداء الوزير في مواجهة الصغيرونة ومطالبتهم بإقالته، ووقوف حزبه معه وكذلك الساتر/المثبط الآخر “لجان المقاومة” ،

وإذا كان للكورونا رأي فهل كانت ستقف مع زميلتها لجان المقاومة في الدفاع عن الوزير أم ستتخلى عن دور الساتر ؟
⁃ ماذا عن عجلة الانتاج المتوقفة وتأثيرها على الإقتصاد ؟

إذا طرحنا الخسائر بعد خروج الصغيرونة عن السيطرة من أرباحها كساتر/مثبط فهل سيبقى من الأرباح شئ ؟ أم سنكتشف أن الخسائر تزيد عن الأرباح بسبب قصر النظر والثقة المفرطة في أن كمية صغيرة من الفيروس ستتمكن الحكومة من السيطرة عليها وستحقق الغرض ؟

وهل سينقلب الساتر/المثبط إلى فاضح ومحفز على ثورة عارمة لأنه أضاف إلى فشل الحكومة فشلاً جديداً لا يحمل هذه المرة علامات العجز وعدم الكفاءة فحسب، بل أيضاً علامات القصد والتسبب على خلفية مصلحة جزم العراب بتحققها ؟!

زر الذهاب إلى الأعلى