د.عمر كابو يكتب: حكومة تغتال نفسها
لو أنفقت المعارضة مافي الأرض جميعًا لإضعاف وإنهاك حكومة حمدوك لما حققت نصف ما حققته تصريحات وزرائها الخرقاء هذه، هذه التصريحات الكارثية لم تقض على حكومة (قحط ) إنما قضت على البلاد كلها.
وزير المالية ظل منذ تعيينه نموذجًا يحتذى به في التخبط و العشوائية وصاحب متلازمة في الرؤية والتصريح غير الموفق فقد بدأ بالقول أنه سينشيء صندوقًا للمغتربين لتلقي إعاناتهم و بعد أيام رأى الحل في بيع أصول المؤتمر الوطني لحل المشكل الاقتصادي (تصوروا) ثم تدرج في التصريحات الهوجاء معلناً أن موازنة العام القادم ستعتمد على هبات الأصدقاء ثم كان ختامه فجأة بذلك التصريح (الخازوق ) الذي مؤداهُ أن كل ما يمتلكه من النقد الأجنبي يكفي لواردات أسبوعين فقط.
هذا التصريح (الهباب) عمق الأزمة وجعل الأسعار توالي ارتفاعها المجنون على نحو غير معقول فتجاوزت بعض الأسعار زيادتها لأكثر من ثلاثين بالمائة للسلع الضرورية تمثل حاجة كل الأسر السودانية، وفي محاولة يائسة و بائسة حسب مواقع التواصل الاجتماعي اجتهد في نفي الخبر وتكذيب المصدر (رويترز ) لتلقمه حجرًا حين أثبتت ما أراد أن ينفيه ببينة لا يأتيها الشك من بين يديها ولا من خلفها مما افقدته مصداقيته وثقة الرأي العام الذي يمكن أن يجاملك في كل شىء إلا الكذب وما أقسى الكذب وأفحشه حين يتعلق بالشأن العام.
ها هو الدولار يوالي ارتفاعه المتصاعد وكل فقهاء الاقتصاد يؤكدون أنه ليس هناك ما يكبح جماحه في ظل العشوائية التي تدار بها البلاد والتخبط الكبير لهذا الوزير، ليجني المواطن المغلوب على أمره من هذه التصريحات الكارثية مزيد غلاء في المعيشة وصعوبات في الحياة.
أما وزير التربية والتعليم هو الآخر قام بواجبه كاملًا دون نقصان في محاصرة حكومته وجرها لمعركة انصرافية بتصريحه الأخرق الذي نال فيه من الشهادة السودانية التي ظلت محل تقدير وإشادة من كل دول العالم، فإن أنسى لا أنسى أن الإعلام الذكي بالشقيقة مصر سارع ذات يوم للإشادة بالتصريح القوي والحكيم لحكومة البشير حين علت وسمت بالشهادة السودانية وبلغت بها شأوًاً عظيمًا يوم أن أكدت أنها جزء من الأمن القومي ليأتي وزير مثل هذا لا يتوفر على أدنى درجات الحصافة ولا الذكاء الفطري و بمنتهى الغباء ليقدح في أعز ما يملك هذا الشعب هو شرفه وأمانته ونزاهته التي هي مستمدة قطعًا من نزاهة معلميه النبلاء الذين أفنوا زهرة حياتهم من أجل إرساء قيم الطهر والعفاف، فهذا الوزير أفقد حكومة حمدوك كل مساندة ودعم كانت تأتيهم من كل الأساتذة المربين الأطهار حيث الطعن في نزاهة لجنة الامتحانات يوجه طعنة نجلاء إلى العملية التربوية بل وإلى قبيلة المعلمين بأسرها.
ولن ننسى غباء ذلك التصريح الذي أدلى به وزير الصحة حين أعلن انتشار حمى الوادي المتصدع ذلك التصريح الذي كلف السودان خمسة مليار دولار سنويا لمدة لا تقل عن خمسة سنوات هذا إن اجتهدت الحكومة في معالجة الأمر فإن لم تفعل وتجتهد فإنها ستزيد على الخمس سنوات، في تقديري هذه التصريحات هي ما جعلت الحكومة تترنح وتعيش آخر أيامها نعم هذه الحكومة لن يسقطها الجوع ولا تردي الخدمات بقدر ما ستسقطها هذه التصريحات غير المسؤولة التي عززت فقدان الثقة في وزرائها وأشعرت الشارع العام أن هؤلاء الوزراء أقل قامة من أن يديروا مخيمًا (كامب ) في الخلاء ناهيك أن يقودوا جهاز تنفيذي لدولة بحجم السودان.
أكبر الظن عندي أن أهم ماستواجهه حكومة حمدوك في أول حكومة منتخبة هو تقييد بلاغات جنائية في معظم مسؤوليها الذين تسببوا في إشانة وتلويث سمعة السودان بين الدول، وطعنوا في نزاهة رجاله ، وألحقوا أضرارًا مادية بالمواطنين بل وبخزينة الدولة وأتوقع أن تتقدم جهات قانونية برفع هذه الشكاوى الآن رغم قناعتي الخاصة أن كل الظروف الحالية غير مواتية لذلك في ظل العرج القانوني الذي تشهده البلاد.