إبراهيم عثمان يكتب: لحفظة القرآن الكريم قضية
عندما دافع السيد نصر الدين مفرح عن الخمور كثقافة شعب كان قد ذكر حفظة القرآن الكريم في بعض المناطق من بين الذين يشكل تعاطي الخمور جزءاً من ثقافتهم
، وكان يرد على من يقولون بأن الخمور لا تشبه السودانيين، فكان ملخص رده ما معناه : بل تشبههم، وتشبه بالذات المسيحيين والوثنيين وحتى حفظة القرآن الكريم. ومنع تعاطي الخمور يشكل عدواناً على ثقافتهم وعاداتهم !
ولأن السيد الوزير يعلم بأن مجرد التعود على فعل الشئ لا ينهض حجةً لإباحته إذا كان محرماً ، فقد توسع في حجج الإباحة ليسند موقف الحفظة السكيرين وتحدث عن اختلافات بين الفقهاء المسلمين حول الخمر بما يُفهَم منه بأنه يؤمن بعدم تحريمها استناداً إلى ما يزعمه من أن بعضهم يبيحها.
حجة التعود والثقافة إذا تم اعتمادها ستشمل آخرين من المسلمين بجانب حفظة القرآن الكريم الذين خصهم الوزير بالذكر، فهناك عامة المتعاطين من المسلمين، وبعضهم قد بلغ بهم التعود درجة الإدمان، وقد أصبحت الخمور جزءاً من “ثقافتهم” وتفاصيل حياتهم اليومية
، فكيف سيقبل السيد الوزير استمرار هضم حقوقهم والتعدي على ثقافتهم؟! أم إنه يرى في الإباحة لبعض المواطنين باب خير ينفتح على غيرهم ويمكن كل مدمن من حفظة القرآن الكريم ومن عامة المسلمين من الحصول على الخمر بسهولة في ظل الوفرة والتساهل في المراقبة والمعاقبة خاصة وأن السلطات تركت الأمر للفوضى ولم تقم بإصدار ما ينظم تنفيذ تعديلها القانوني.
وهكذا كما رأينا فإن “فائض الحجج” التي احتاجها الوزير في أثناء الدفاع عن الخمور (الحفظة السكيرين + الفقهاء الذين يبيحون الخمر) لم تتم ترجمته في التعديلات القانونية الأخيرة إذ بقي اتحريم للمسلمين كما كان، وهذا يحيلنا مباشرة إلى التقية العلمانية و”فائض القناعات” التي يستحي العلمانيون من تطبيقها دفعةً واحدة.
واللجوء بدلاً من ذلك إلى التدرج. وهذا قد يعطي المدمنين المسلمين (حفظة وغيرهم) أملاً إضافياً (بجانب الوفرة والتساهل) في تعديلات إضافية قادمة تترجم قناعات الوزير كاملة، والوزير كما هو معلوم من أنصار التدرج (وقد اعترضت حركة الحلو على ذلك)..
مع ذلك تبقى “قضيتهم” التي يؤمن بها الوزير قائمة تنتظر حلاً يعالج (جذور المشكلة) وتبقى “معاناتهم” مستمرة وإن بدرجة أخف.