المحرر السياسي يكتب: بعد الثورة أحلامنا مؤجلة

خاص:(متاريس)

أخرجت ( هديل )قطاعات واسعة من الشعب السوداني جملة احباطات تطبق بخناقه لم يجد لتفريغها سوى الفرح الهيستيري لفوز طالبة في منافسة لتحدي القراءة العربية.
من صفوف الوقود والخبز والمواصلات ومعارك السياسة يشعر السودانيون بخيبة أمل كبيرة في ماخلصت إليه ثورتهم التي سكبوا فيها الدماء والدموع حتى اقتلعت نظاما حكم لثلاثة عقود تقلبت البلاد فيها بين مد وجزر لم ترضي أحلام الشباب في وطن الرفاهية التي كانوا يحلمون.
الطريق إلى المجهول هو العنوان الابرز بعد عدة أشهر لحكومة التحالف العسكري المدني تفاقمت فيها المعاناة أكبر مما كانت عليه في عهد البشير…معاناة شملت أوجه الحياة بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة.
سياسيا تعصف الخلافات بين مكونات الحرية والتغيير ألتي تبدو دون برنامج واضح لكيفية إدارة البلاد ليتعزز معها الإعتقاد بعدم جاهزيتها مع مفاجأة سقوط النظام السابق وهو ما اشتكى منه حمدوك وقال إنه لايملك برنامجا واضح المعالم ومايقوم به مجرد اجتهادات تصيب أحيانا وقد لاتفعل حينا آخر. أضف إلى ذلك عدم تناغم الخطاب الإعلامى للحرية والتغيير والشواهد على ذلك كثيرة أبرزها إفتراع الحزب الشيوعي طريقا غير قحت فيما يلي الداخل والخارج.
اقتصاديا فإن الحال يغني عن السؤال…أزمات متلاحقة لا يكاد المواطن يتجاوز بعضا منها إلا ويصطدم باخرى….صعوبة المعيشة مع غلاء الأسعار وانعدام الحاجيات الأساسية والانهيار المتسارع لقيمة العملة الوطنية تجعل من وطن الرفاهية احلاما مؤجلة إلى حين لايعرف له موعد.
وعلى غير ماكان يرتجى ادار المجتمع الدولي ظهره للثورة….امريكيا جددت واشنطن وصفها السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب وهى سياسة تكاد تمنع الهواء. أوربا هى الأخرى ماوجدت منها الثورة سوى سراب يحسبه الظمآن بقيع ماء…وخليجيا فإن الغموض هو سيد الموقف فلا بلحا ولاعنبا في الأفق.
اجتماعيا دخل الصراع السياسي دائرة الخطر…نذر الحرب الدينية تطرق أبواب الاستقطاب المشرعة على كل الاحتمالات…لجان المقاومة صارت في مواجهتها لجان الكرامة ودارفور مازالت تنزف دماء ودموعا ومدن أخريات صارت مشاهد القتلى والنهب أشبه بتلك الأفلام التي كان السودانيون يتحلقون حول الشاشات لمشاهدتها وهم يناصرون البطل على الخائن فصاروا في واقعهم لا يتبينون بطلهم من خائنهم.
ذلك هو المشهد بحيثيات تحجب الأفق والأمل…لا يكاد السودان يتبين فيه معالم امسه من غده فنحن الاكثر تعاسة بين شعوب العالم الإفريقي والعربي وفقا لمؤشرات وأرقام الأمم المتحدة…..لله درنا

زر الذهاب إلى الأعلى