آراء

عثمان جلال يكتب: الحركة الإسلامية صنعتنا من معانيها السنية

يا أحبائي ونبض عروقي
كنتم القدوة بالخير الوريق
فاهنأوا نحن كما انتم
على ذات الطريق
رب شمس غربت
والبدر عنها يخبر
وزهور تتلاشى
وهي في العطر تعيش

(صلاح أحمد ابراهيم)

من الفخار أن صنعتنا الحركة الإسلامية من معانيها السنية، وعلى هوادي قيمها نحيا ونموت ولن نتزحزح ما تزحزح جبل حبشي وهكذا عاهد الاحابيش ابوسفيان ابن حرب في يوم الأحزاب (والقتل شريف شريف).

ومن الفخار أن الإسلاميين عندما استلموا الحكم في السودان في يونيو 1989م وجدوا خزينة السودان خاوية على عروشها، فانبرى الإسلاميون قيادة وقاعدة ومولوا بحر مالهم شراء الدقيق والمحروقات والسلع الغذائية، وفتحوا منازلهم الخاصة لإدارة شؤون الوطن، وأطلقوا نداء العودة فعادت مواهب الحركة الاسلامية من المشرق العربي وبلاد العم سام وهجروا المرتبات الدولارية بل بذلوها لتفجير ثورة النفط والطاقة ومنظومة الصناعات الدفاعية وثورة الاتصالات، وثورة التعليم الأساسي والثانوي والعالي والكباري، وثورة الطرق حتى يكاد أن يكون تم ربط السودان بكل محيطه الأفريقي والعربي، وبذلت حركة الإسلام الآلاف من خيرة شبابها النضر، وشيوخها وعلماءها إلى محاور القتال والذود عن الوطن حتى أعادوا الحركة الشعبية إلى جيب في الجنوب القصي.

وعبأت طاقات المجتمع السوداني الخلاق الذي نفر ونهض، وبز بماله وفكره وروحه مساهما في بناء مشروع النهضة السودانية.

وقبل أن يصل مشروع التيار الإسلامي الوطني مرحلة الانسداد والعدمية أطلق مبادرات الحوار والاتفاقات التي أنتجت المحاصصات والشراكات السياسية وانتهى مشروع الحركة الإسلامية مشروعا وطنيا محضا شاركت فيه كل القوى السياسية الوطنية من أقصى اليمين لأقصى اليسار وعندما ازفت اللحظة التاريخية للثورة والتغيير تداعى كل المجتمع وقواه السياسية الوطنية من أقصى اليسار إلى اقصى اليمين لإنجاز الثورة وانهاء حكم الأقلية التي اختارت معاندة التاريخ وقديما قيل أن معاندة التاريخ حمق وقلة عقل.

وبدلا من إدارة مشروع الثورة الوطنية الديمقراطية بذات العبقرية الجمعية والكتلة التاريخية الوطنية التي صنعت الثورة، طفقت قوى الحرية والتغيير وبعقلية الدجاجة الصغيرة الحمراء في اختزال مشروع الثورة السودانية في ذاتها وتكلست الثورة السودانية في محاصصات ومغانم ولأن الأحادية الفكرية والسياسية تولد التناقضات، والخصومات والانشقاقات وبعد عام من جرد حساب الثورة والسلطة فإن الخلاصات، تشتت الحاضنة الثورية، عدم التوافق على برنامج سياسي واقتصادي لانتشال الوطن من مأزقه، ولم نشاهد قياداتهم الرأسمالية تضخ المال دفاعا ودفاقا في خزائن الدولة الخاوية، وهكذا هم بخلاء الجاحظ، قدرهم واحد وقلوبهم شتى، ولم يتداعى مثقفو قوى الحرية والتغيير لهجر الاغتراب، والعودة للدفع الفكري والثقافي لمشروع الثورة، ولم تفلح قوى الحرية والتغيير في الحفاظ على وحدة قاعدتها الاجتماعية، ولم تعبيء طاقات المجتمع السوداني، نفرة ودعما للاقتصاد المنهار، بل فشلوا في إقناع شركاءهم من الحركات المسلحة لابرام اتفاق سلام داعم لمشروع التحول الوطني الديمقراطي الكبير وثالثة الاثافي فشلوا في توظيف علاقاتهم الاقليمية والدولية في فك الحصار الاقتصادي المضروب على السودان منذ تسعينات القرن الماضي، وفشلوا في إقناع صناديق التمويل والاستثمار للمساعدة في انتشال الاقتصاد الوطني من وهدته ولم يقدموا منطقا فكريا وسياسيا واقتصاديا رصينا لحفز مؤتمر الدول المانحة لدعم مشروع الثورة السودانية فكانت النتائج على النحو الذي تعلمون.

الانكى والاخزى عدم اعتراف قوى الحرية والتغيير بالفشل ورفع شعار (الحل في الحل) ودعوة كل الشركاء الوطنيين للمشاركة في صياغة ميثاق جديد لإنقاذ الثورة السودانية من الاختطاف، وانتشال الدولة السودانية من جب الهاوية ومخاطر التفكك، ولا يزالون يبحثون عن الحلول من داخل الصندوق الذي أنتج الأزمات الماثلة وبذات الشعارات المستهلكة (سنعبر وننتصر)

هؤلاء عصوا الحقيقة فعصاهم الخيال فهم عميان قادة وقاعدة وإذا كان الأعمى يقود الأعمى سقطا معا في حفرة.

ونسأل الله أن يحفظ السودان

زر الذهاب إلى الأعلى