آراء

د. مزمل أبو القاسم يكتب : مراجعة جنسيات التجنس

* تناولنا بالأمس قرار حظر الأجانب والمجنسين من ممارسة التجارة المحلية في ما يتعلق بالعمل في مجالي الصادر والوارد، وذكرنا أن تنفيذ القرار محاط بجملة من المحاذير، أدناها أن نصف المعنيين بالقرار “سودانيين بالتجنس”، لهم ما لحملة الجنسية بالميلاد من حقوقٍ وواجبات.
* الصحيح أن تسارع الحكومة إلى مراجعة النهج المختل الذي نال به آلاف الأجانب الجنسية السودانية، عبر واحدة من أكبر عمليات الجريمة المنظمة في تاريخ السودان.
* جريمة شارك فيها نافذون، استغلوا مناصبهم ونفوذهم لتسهيل بيع الجنسية، بمقابل معلوم، تم تقسيمه بين أفراد تلك العصابة دون أدنى خوفٍ من ملاحقةٍ أو محاسبة، وبلغت عوائده عشرات الملايين من الدولارات.
* كانت قوائم الراغبين في شراء جوازنا المهان ترفع إلى السلطات وهي تضم مئات الأجانب، يحصل كل واحد منهم على الجنسية مقابل عشرة آلاف دولار، تذهب إلى جيوب ثلة من الفاسدين الذين أعماهم الجشع، وقطع دابر انتمائهم إلى وطنهم، وجعلهم يتاجرون في هويته، سعياً وراء الكسب الحرام.
* هوية هؤلاء المجرمين الآثمين معلومة للكافة، وبعضهم ما زال حراً طليقاً، يتقلب في نعيم المال المهين الذي حصل عليه بالحرام، مع أنه يستحق أن يحاكم بالإعدام في ميدان عامٍ، مع كل من شاركوه في تلك الجريمة المروعة.
* نقترح على رئيس الوزراء أن يكوِّن لجنة لمراجعة قوائم كل الذين حصلوا على الجنسية السودانية بالتجنس، خلال السنوات العشر الأخيرة من عمر السلطة البائدة.
* لجنة تضم ممثلين لوزارة الداخلية، وقوات الشرطة، والنائب العام، تنحصر مهمتها في تدقيق تلك القوائم، ومراجعة المستندات المستخدمة في التصديق، لتحديد هوية المستحقين من المشترين، وسحب الجنسية من كل الذين نالوها بطريقة غير شرعية.
* المهمة ليست صعبة كما يتوهم البعض، لأن حوسبة العمل في إدارة السجل المدني بوزارة الداخلية كفلت للوزارة الاحتفاظ بكل المستندات المستخدمة في التصديق، وبالتالي تصبح مراجعتها ميسورة، لأنها موجودة في (السيستم) أصلاً.
* الضوابط المطلوبة لمنح الجنسية بالتجنس محددة بالقانون، وتنحصر في أن يكون الأجنبي بالغاً لسن الرشد، كامل الأهلية، مقيماً بالسودان لخمس سنوات أو أكثر، حسن الأخلاق ولم يسبق الحكم عليه في أي جريمة تمس الشرف أو الأمانة.
* معظم من حصلوا على الجنسية بالتجنس في العهد السابق لم تنطبق عليهم الشروط الواردة أعلاه، ومنهم من نالوها قبل أن يدخلوا السودان، أو بمجرد وصولهم إليه.
* سحب الجنسية من المتجاوزين ميسور، لأنه محكوم بقانون يمنح رئاسة الجمهورية ذلك الحق، إذا ثبت أن الأجنبي حصل على شهادة الجنسية عن طريق الغش، أو بتقديم بيانات كاذبة، أو بإخفاء أية واقعة مادية .
* أؤكد لكم أن معظم من اشتروا الجنسية بالدولار سيفرون من البلاد فور شروع السلطات في تدقيق أوراقهم، ومراجعة مستنداتهم، لذلك نناشد حمدوك أن لا يتأخر في الإجراء، إذا أراد أن يعيد للجنسية اعتبارها المفقود، ويوقف النزيف الذي يتعرض له الاقتصاد، عبر أجانب ومجنسين يشترون السمسم والصمغ العربي والذرة والكركدي وحب البطيخ والقطن بالعملة المحلية، ويصدرونها، من دون أن يتكرموا بتوريد حصائل الصادر إلى بنك السودان.
* لا يوجد أي مبرر يسوغ التلكؤ في مراجعة تلك الجنسيات، لأن الأمر ميسور، وعوائده المعنوية للجنسية السودانية، والمادية للاقتصاد المتراجع لا تقدر بثمن.

زر الذهاب إلى الأعلى