إبراهيم عثمان يكتب: عن الشكر الغائب !

حاول القائمون على حملة شكراً حمدوك أن يحصوا كل ما يمكن أن يُشكَر عليه الرجل من الهامشي والمزيف والمضخم والمصنوع الذي يدغدغ عواطف الجماهير ويخاطب احتياجاتهم الحقيقية المجمع عليها، فكان هناك فائض وعود وأقوال لا تقابلها أفعال ملموسة، لكن مع هذا التكلُّف وصناعة مواضيع شكر وهمية كانت هناك “انجازات” حقيقية تقع في متن المشروع القحتي لا هوامشه ولم تجد حظها من الشكر، وكان تسويقها خجولاً، ويعتمد على الأفعال على الأرض لا الوعود والأقوال في المنابر والأسافير :
⁃ لم يضعوا العلمانية على رأس مواضيع الشكر، رغم إنها تمثل رأس مشروعهم، وأهم تغيير أحدثه حمدوك، بل هي عبوره الوحيد المتحقق فوراً بلا تسويف.
⁃ لم يصنعوا حملة شكر تواكب التعديلات القانونية وتضعها على رأس انجازات حمدوك الحقيقية الملموسة ذات الأثر الفوري.
⁃ لم يربطوا بين صور الفتيات “المتحررات” اللاتي يمارسن حرياتهن ويستعرضن أجسادهن وبين حملة شكراً حمدوك .
⁃ لم يربطوا – عدا زهير السراج الذي فعل بطريقته الخاصة – بين حملة “عذريتي ليست شرفي” وحملة شكراً حمدوك .
⁃ لم تكن صور المذيعات اللاتي خلعن الحجاب مؤخراً ضمن مواد حملة شكراً حمدوك .
⁃ لم ينشروا فيديوهات لأطفال التعليم ما قبل المدرسي وهم يعبرون عن سعادتهم بخلو المنهج من القرآن الكريم لا سيما سورة الزلزلة، ويقولون شكراً حمدوك .
⁃ لم ينشروا مواداً عن سعادة طلاب الثانوي بخلو مقدمة كتاب الهندسية من الهوس الديني بعد حذف “إعلاء كلمة لا إله إلا الله”. وقولهم شكراً حمدوك لهذا الانجاز ولانجاز حذف بعض سور القرآن الكريم.
* لم ينشروا مواداً عن سعادة الذين/اللاتي أخرجهم/ن التعريف الجديد للدعارة عن دائرة الاشتباه فقالوا شكراً حمدوك.
⁃ لم ينشروا مواداً لبائعات خمور يعملن بلا خوف من الكشات ويرفعن لافتة “شكراً حمدوك”.
⁃ لم ينشروا مواداً للشفاتة وقاع المجتمع وهم لا يتخلصون فقط من قيود النظام العام، بل ويقودون، بقيمهم، المجتمع ويقدمون له الأيقونات والنماذج الملهمة ويقولون شكراً حمدوك.
⁃ لم ينشروا تصريحات لدبلوماسيين أجانب يعبرون عن سعادتهم بحاويات الخمور ويقولون شكراً حمدوك.
⁃ لم ينشروا فيديوهات لمسيحيين ووثنيين وغيرهم وهم يحتسون الخمور ويقولون شكراً حمدوك .
⁃ لم ينشروا قصصاً عن ملحدين ومرتدين عبروا عن سعادتهم بالحماية القانونية، وبأن عقوبة من يذكر ردتهم بسوء أصبحت تساوي أكثر من ٢٠ ضعف عقوبتهم هم إذا ذكروا الإسلام بسوء ( ١٢٠ شهراً “و” الغرامة … في مقابل ٦ شهور “أو” الغرامة) وقالوا شكراً حمدوك .
⁃ لم يركزوا في حملات الشكر على حقيقة أن “عودتنا إلى العالم” لم تكن لتحدث لولا كل هذا المذكور أعلاه وغيره مما يشبهه، وأن السبب والنتيجة هما انجاز حمدوك الأهم الذي يستحق الشكر .
ما أبأسه من مشروع ذلك الذي يخجل أصحابه من عناوينه، ولا يسوقون أهم ما فيه إلا بالاحتيال والمكر واغتصاب الوعي، ورغم تفننهم في صناعة مواد الشكر الوهمية يمتنعون – مضطرين- عن اقتباس مادة شكر واحدة من متونه أو حواشيه الحقيقية الملموسة.