د. عمر كابو يكتب: فشل حكومة ماركس في السودان

لو قدر لماركس أو لينين (لعنهما الله لعنًا كبيرًا ) زيارة خاطفة للسودان هذه الأيام ،وشاهدا ما فعله ويفعله تلاميذهم بنا في حكومة حمدوك بقيادة عرابها الشفيع خضر لعقدا مؤتمرًا صحفيًّا سريعًا يعلنان فيه فشل وخطل وفساد نظرياتهم خاصة التي حلموا فيها أن ديكتاتورية البروليتاريا هي تلك نهاية التاريخ كونها تمثل خاتمة صراع الطبقات وصانعة الفردوس على الأرض لكل البشر، سيكتشف ماركس ولينين أن تلاميذهم النجباء فهموا أن الحياة كلها صراع في صراع ولم تعرف كلمة الوفاق والاتفاق إلى قلوبهم طريقًا ولا في أفئدتهم منزلة حتى ولو كان في الصراع هذا ما يسوقهم إلى حتفهم وسيدركان أن تلاميذهم لم يستوعبوا طبيعة هذا الشعب السوداني الأبي أنه شعب السماحة والتسامح جبلة فيه طبعة لا تتغير .
وسيعلمان أن الداعي للتغيير عند الشعب السوداني هو الظروف المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار ليس إلا فإذا بتلاميذهم تركوا المعيشة وشغلوا أنفسهم (بصراعهم ) مع خصومهم الإسلاميين دون أن يعيروا أمر (قفة الخضار ) أدنى التفات، لو قدر لهما هذه الزيارة (الله لا كسبهم طبقوا فينا جنس نظرية ) سيكتشفون أن تلاميذهم فوتوا على أنفسهم فرصة تاريخية لمحو وكنس كل الأحزاب لو فقط خاطبوا قضايا الناس المعيشية ولو أنهم أعلوا من قيم التسامح والصفح الجميل.
فوتوا على أنفسهم فرصة أن يسودوا الناس بالرفق الذي هو ما يزين الأشياء فيحيلها نضاراً ويخرجها للناس في كامل بهجتها و زينتها، فوتوا الفرصة التاريخية للتأكيد على مباديء ظلوا دومًا يتشدقون بها (حرية سلام وعدالة ) وحين دانت الفرصة لهم من خلال هذه الحكومة الماركسية التي سيطروا على مفاصلها سيطرة تامة فإن أول ما قاموا به هو تنكرهم لتلك المباديء بل دعسوا عليها بأحذيتهم غير آبهين باختبار المصداقية ولا قادم المستقبل.
نعم دعسوا على قيمة العدالة يوم شيعوا دولة القانون لمثواها الأخير دون أن يذرفوا دمعة عليها ؛فها هي معتقلاتهم تضج بالمعتقلين السياسين لما يزيد على سبعة أشهر والآن وبعد مضي كل هذه المدة إذا بهم يبذلون قصارى جهدهم بحثا عن جناية أو تهم يلفقونها لهم وحين غالبتهم طهارة ونظافة أيدي المعتقلين وحار بهم الدليل توكلوا على شيطانهم الرجيم وقرروا إدانتهم بتهمة تدبير انقلاب عسكري قبل ثلاثين عامًا ضاربين بنص المادة ٣٨ من قانون الإجراءات الجنائية لسنة ١٩٩١م عرض الحائط غير آبهين به (سكران ما يعملها )، لكن ما لم يكن في الحسبان أن سياسة الدعس على القانون قد انقلبت عليهم وبالًا؛ فهاهي هيبة الحكم قد زالت وماعاد الناس يخافونهم أو يخشونهم.
الآن المشهد السياسي في السودان جراء ذلك وصل حالة من الاحتقان لم يصلها من قبل ؛ فقد أضحت الفوضى والخراب والعنف سمة بارزة وليس أدل على ذلك من حريق (أبو نعامة ) آليات ومحاصيل و كذلك انتشار عصابات (النيقرز) إلى الدرجة التي ماعاد المواطن يأمن عندها على نفسه، إذن فالثورة التصحيحية قد بدأت فإن كان مبتدؤها من الكلاكلة أمس الأول؛ فإن خبرها من بقية ولايات السودان لتعيد الأمور إلى نصابها والجرذان إلى جحورها، ألا لعنة الله على ماركس وتلاميذه.
كأني الآن أسمع ود الأمين يردد والشارع ثار..