د. عمر كابو يكتب : من بديل حكومة حمدوك

بات التغيير وشيكًا بل ضروريًّا بل حتميًّا حيث تبدو الصورة في بلادنا في حالة لايمكن وصفها سوى أنها معقدة تتشابك فيها الأزمات بالدرجة التي تظهر للعيان وكأنها حلقات من سلسلة منظومة مترابطة مما يجعل الحلول كلها غير ذات جدوى، هذه الأزمات كل يوم تتصاعد وتيرتها بل تتدفق على المواطنين بشكل غير مسبوق وفق خطة أحكمت صياغتها أجهزة المخابرات يفوق ما حدث في عهد الاستعمار.

نعم هناك دواعٍ اقتصادية فرضت تغيير حكومة البشير حيث أضحى ذلك التغيير مطلباً له مبرراته وأسبابه المنطقية حين فشلت حكومته في الاستجابة لمتطلبات رجل الشارع العادي الضرورية واحتياجاته الراهنة في ذلك الوقت، فهي إذن لم تكن مطالب سياسية بالدرجة الأولى لدى عامة المواطنين بقدر ما كانت مطالب تتعلق بالظروف المعيشية الصعبة التي حاصرت الأسر السودانية صحيح هذه الظروف مهدت أرضية ملائمة للنخب السياسية لاستغلال ذلك الظرف بمعاونة أجهزة المخابرات التي لا تريد استقرارًا للسودان تنفيذا لخطة الفوضى الخلاقة التي تضرب بأطنابها معظم دول عالمنا العربي حتي يتم إخضاعه وتركيعه لصالح الكيان الصهيوني وهو ما يفسر الشعبية الجارفة التي ظل يتمتع بها البشير ولم يخسرها ولم تنحسر إلا في آخر سنواته بسبب الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي أودت بحكمه و دونكم ذلك الاستقبال العفوي الصادق يوم أن عاد من جنوب إفريقيا ، وأي ادعاء غير ذلك هو ادعاء كاذب يمثل طعنًا في شجاعة وبسالة هذا الشعب الأبي الكريم الذي ما كان له أن يرضى بالظلم أو حياة العسف أو أن يحكمه دكتاتور، و لأجل ذلك رضي هذا الشعب عن طواعية واختيار بحكم البشير ثلاثين عامًا وكان بمقدوره عزله وإقصاؤه منذ الوهلة الأولى من واقع رفضه لحياة الاستبداد والطغيان كما أسلفنا.
الآن جاءت حكومة حمدوك ووجد الرجل دعمًا ومساندة غير مسبوقة حتى من معظم الإسلاميين لكن و لأنه لايتوفر على تجربة وممارسة سياسية تتيح له التحليل العميق للمشهد السياسي وتمنحه القدرة التي تمكنه على التنبؤ بمآلات الأمور عطفًا على مرجعيته السياسية المتمثلة في جماعة الشفيع خضر (مرافيت الحزب الشيوعي العجوز الكسيح ) وأذنابهم من قوى اليسار والجمهوريين ، والتي اعتقلته و حبسته في تصفية خصومهم من الإسلاميين دون الالتفات إلى مشاكل المواطنين الحقيقية ودون أن تخاطب حكومته جذور الأزمة المعيشية الصعبة وغلاء الأسعار وتفاقم أزمة المواصلات وانفراط عقد الأمن و إغلاق الجامعات وتمديد خطاب الكراهية وتوطين سياسة الإقصاء الممنهج لكل ماهو إسلامي مناهجه وقياداته والتشريعات وهدم دولة القانون و الفتك بها وتسييس مؤسسات الدولة العدلية.
أمام ذلك واهم من يظن أن حكومته ستستمر ومن يظن ذلك فهو لا يدري ولايدري أنه لايدري شيئًا عن بدهيات السياسة، كل الظروف الآن مهيأة لمغادرة حكومته دون أن تجد من يبكي عليها سوى وزرائه وبعض الموظفين، واضح أن المسرح الآن تم إعداده بعناية لبديل يلبي رغبات وتطلعات و تنفيذ أجندة الفوضى الخلاقة والتي ستبدأ بتقسيم السودان ثم السيطرة على مصادر المياه و تغيير هويته العقدية بالقضاء على وسطيته الدينية.
هاهي بورتسودان تبتدر مخطط التقسيم باندلاع فتنة قبلية لأهم قبيلتين في الشرق عاشتا في تسامح ووئام ومن المؤكد أنه إذا لم يتدخل الحكماء من قياداتهما سيغري ذلك المخابرات بصب الزيت على النار من أجل حرق الشرق الحبيب حتى يتم فصله في خطوة أولى لتقسيم بقية الوطن، من المؤسف هناك حالة جدار عازل شيدته حكومة حمدوك بينها وبين الشعب ومطالبه فهل هو بمستوى عدم القدرة على قراءة واقعنا أم أن الأمر يتم برضاه وموافقته؟ هذا ماستكشف عنه قادمات الأيام.
أيها الناس اعلموا أن حكومة حمدوك تلفظ أنفاسها الأخيرة؛ فلتستعدوا للبديل والذي أعتقد أنه غير محتاج حتى لغضبة الموازنة العامة بسبب رفع الدعم، البديل في الطريق يا قوم فمن هو يا ترى؟!

زر الذهاب إلى الأعلى