ابراهيم عثمان يكتب: هرطقات عن الثوابت – 2

واحدة من أعجب الأكاذيب المفضوحة للحكومة أنها في ذات الوقت الذي تنفي فيه وجود ثوابت للشعب السوداني يصل اعترافها بوجودها حد الإعتماد على المتاجرة بها لتكون هي بالذات البضاعة الوحيدة الخقيقية التي تحاول بيعها للخارج، وليس مستغرباً أنها لم تنتج بضاعتها الوحيدة هذه، فلا إنتاج ولا تطوير في زمن القحط لا لمنتجات رمزية أو مادية ولا لأي شئ ذي قيمة .

هذه الحكومة تعلم أن هذه الثوابت غالية الثمن في الأصل، ولهذا توقعت أن تحصل على أسعار جيدة لها إذا قامت بتسليعها وتسعيرها،

لكن جهلها بقوانين سوق البضائع الرمزية، إضافة إلى التهافت على البيع السريع بالجملة اضطرها إلى الأوكازيون، وإلى البيع بالدفع الآجل. أو بمجرد الوعود بالدفع حين ميسرة، أو حتى مقابل ثمن رمزي معنوي يتمثل في الإشادات فقط .

الحكومة في أثناء نفيها لوجود الثوابت تسعى لفرض ثوابتها الخاصة غير الشعبية، ومن ذلك ما زعمه ناكر الثوابت الذي حاول اقناع الشعب بأن إحدى ثوابته الثقافية أنه شعب سكير، وأن أقرب أفراده إلى الدين وهم حفظة القرآن الكريم هم من أكبر معاقري الخمور

. ولهذا أجرى التعديل القانوني ذا الصلة، لكن بسبب يقينه بوجود ثابت مناقض أرسخ قدماً قصر مفعول التعديل على غير المسلمين، ولم يصدر اللوائح المنظمة لصناعة وتجارة واستيراد وتعاطي الخمور، ولم يدخلها بعد في موارد الدولة الضريبية والجمركية، ولم تقم الجهة المختصة بإنشاء قسم لجودة الخمور في هيئة المواصفات والمقاييس، وهذه قمة العشوائية.

الحكومة التي فاجأت معدي تقارير مركز راند ذات العلاقة بدرجة االإلتزام التي تفوق توقعاتهم بل تفوق آمالهم تعلم أن التزين للخارج تتناقض مطلوباته ،مع مطلوبات التزين للداخل،

ولأن هذا التناقض سيكون موضوعه الرئيسي هو الثوابت، ولأنها تريد من الداخل التأييد، ومن الخارج الأموال، فستلجأ من أجل تخفيض درجة التناقض إلى بيع الأوهام للداخل وإنكار وجود الثوابت المباعة من الأصل، وإلى إقناع الخارج بأن الثوابت حقيقية وأن دوسها والتسليع والتسعير كلفها الكثير، على أن تقدم إثباتات حقيقية مقنعة، فلا قطيع في الخارج يمكن خداعه ليدفع المقابل المادي أو المعنوي دون أن تكون هناك بضاعة حقيقية .

بعض الثوابت كانت تمثل إزعاجاً لقحت تماماً كما تمثل للمشترين بالخارج، ولهذا اكتفت في بعضها بالربح المعنوي،

والإشادات من الخارج، فإلغاء تدريس القرآن الكريم في رياض الأطفال لم يجلب باخرة قمح، وإشاعة التعري لم يجلب باخرة وقود، والبحث عن عبدة الأوثان لم يجلب شحنة دواء، وإباحة الخمور لم تجلب باخرة غاز قد يصل إلى الفداديات ويقلل من معاناتهن في سبيل تجويد الصناعة، وهي المعاناة التي خصصت إحدى القنوات حلقة لمناقشتها.

لا شئ سوى الإيمان بوجود ثوابت مباعة وأخرى مجلوبة، وبأن الكرسي يهتز، وأن هناك أخطار جدية تهدد المشروع، لا شئ سوى هذه المخاوف جعل الحاضنة تعول على حماة/أوصياء أممين تنتظر بفارغ الصبر قدومهم لتطمئن على استمرارها في السلطة، لكن ما ظهر مؤخراً من تفضيل عسكري للتعامل مع شلة المزرعة التي تمثل ، إضافة إلى بعض الوزراء والمسؤولين، رأس رمح المشروع الماسوني للبيع بالجملة بما يشمل حتى بعض الثوابت الرمادية لبعض أطراف الحاضنة

، هذا التفضيل يؤكد أن مشروع بيع كل الثوابت محمي داخلياً من المؤسسات الصلبة، وأن فشل الحكومة الاقتصادي هو الذي ربما يعصف ببعض أطرافها، وأن ذلك إذا حدث لن يؤثر على استمرار المشروع واستمرار الشلة الصغيرة نفسها. وهذا سيعيد تعريف النجاح ليكون هو القدرة على اقناع الخارج بأن البيع نهائي ومستقبله مضمون وأن دفع الأثمان لن يكون مقامرة ولا مغامرة.

الخازوق الذي ستتركه هذه الحكومة الماسونية خلفها إذا ذهبت بانتخابات أو ثورة هو أن المشترين بالكاش أو بالوعود أو بالإشادات سينظرون إلى ممارسة أي حكومة قادمة لسيادتها، ومحاولة إعادة تفعيل بعض الثوابت كعمل عدائي يستلزم ردود الفعل القوية التي سيكون أدناها السعي إلى استعادة الأثمان مضاعفة وأعلاها التدخلات وفرض العقوبات وربما الاحتلال المباشر..

حقـــــــــــــاً :
#قحت_نكبة_السودان

زر الذهاب إلى الأعلى