د.مزمل ابوالقاسم يكتب: قاتل محتمل

*سعي شرطة العاصمة إلى رصد المخالفات المرورية إلكترونياً يمثل توجهاً راشداً، يستحق التنويه، ونرجو له أن يتطور ليستبدل النهج المختلف الذي تتبعه شرطة المرور حالياً، وتتسبب به في تعطيل الحركة، بكمائن تهتم بجباية المال، أكثر من اهتمامها بتسهيل حركة المركبات، وحفظ أرواح المواطنين.
*أسلوب بالغ التخلف، يتم بموجبه توزيع المئات من رجال المرور على الطرقات كل صباح، لينحصر عملهم في الدخول في مساومات مع المخالفين، تنتهي بفرض غرامة مالية، يطلق عليها مُسمى (تسوية) تجاوزاً، وتكفل لمن لا يحملون رخصاً، ومن يقودون سيارات غير مرخصة، أو فاقدة للوحات، أو مخالفة لقانون المرور أن يستقلوا سياراتهم لبقية ساعات اليوم من دون أن يتعرضوا (لابتزاز) جديد.
*الدليل على أن تلك الكمائن تستهدف جباية المال فحسب، أنها تتم نهاراً، وتنتهي بانتهاء ساعات الدوام، وكأن المخالفات المرورية تتلاشى ليلاً.
*كمائن تسمح للمخالفين بأن يقودوا سياراتهم المخالفة نفسها بعد سداد المعلوم، وكأن التسوية تزيل المخالفة.
*لو اهتمت شرطة المرور بتركيب كاميرات للمراقبة، وبتسيير دوريات راتبة في الطرقات، كي تضبط بها المخالفين، وتوقف المستهترين بقوانين المرور، ومن لا يتقيدون بالإشارات الحمراء، ومن يقودون سيارات غير مرخصة أو تفتقر إلى اللوحات، ومن يوقفون سياراتهم كيفما اتفق، ليغلقوا بها الشوارع ويعطلوا الحركة، لحصدت أموالاً تفوق ما تجنيه من كمائنها المتخلفة مئات المرات، ولأسهمت في حفظ الأرواح، بتقليص عدد الحوادث، ولما تسببت في تعطيل الحركة، بدلاً من تيسيرها، وضمان سلاستها.
*كتبنا غير مرة منتقدين إصرار شرطة مرور ولاية الخرطوم على إنجاز مهامها بعقلية الجبايات التي تتعامل بها المحليات مع المواطنين، سعياً منها لتحقيق (الربط المالي المقدر)، مع أن واجبها ينحصر في خدمة الناس وحمايتهم، لا حلبهم، وإفراغ جيوبهم من المال، من دون تقديم خدمة حقيقية لهم.
*اقترحنا عليهم أن يستخدموا سيارات (777) لرصد المخالفين، فلم يستجيبوا، وتعللوا بأن تلك السيارات مخصصة للخدمة، مع أن تنظيم الحركة، وفرض هيبة الدولة، وإشعار المستهترين بأنهم مراقبون، ويمكن أن يخضعوا للتوقيف حال تجاوزهم للقانون، تمثل في مجملها أكبر وأقيم خدمة لمرتادي الطرق، سيما في العاصمة، التي ارتفع فيها عدد ساعات الذروة إلى أكثر من عشر ساعات.
*قبل فترة أقدمت شرطة إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة على نشر صور السيارات المخالفة في الصحف، مصحوبةً بأرقامها، وذيلتها بعبارة (قاتل محتمل)، سعياً منها للحد من استهتار السائقين، مثلما تشددت في معاقبة مرتكبي المخالفات المؤثرة بالحبس ومضاعفة قيمة الغرامة.
*أعداد من لا يحترمون إشارة التوقف في طرقات العاصمة المثلثة بالآلاف يومياً، ومعظم الحوادث تنتج عن تجاوز الإشارة، ومع ذلك لم تتفتق عقلية إدارة المرور عن أي فكرة فعالة، أو إجراء عملي، يستهدف الحد من ظاهرة مقلقة، تعرض حياة المواطنين للخطر على رأس كل دقيقة.
*نناشد الفريق شرطة خالد بن الوليد، مدير شرطة ولاية الخرطوم بأن يوجه شرطة المرور بتطوير عملها، تحسين نهجها، وسحب (جُباتها) من الطرقات، واستبدالهم بكاميرات مراقبة، ودوريات متحركة، تجوب الشوارع على مدار الساعة، مثلما يحدث في كل الدول التي تحترم مواطنيها، وتهتم بخدمتهم وحمايتهم، ولا تنظر إليهم على أنهم مجرد (ممولين) لنشاطها، ومغذين لخزائنها بالمال.
*مهمة الشرطة تنحصر في الحماية.. لا الجباية.