آراء

إبراهيم عثمان يكتب: تمخض التهديد بالإسقاط فولد مشاركة!

تعود الناس على أن حزب الأمة، خاصةً في تعامله مع الحكومة القائمة، حزب مرن متساير اختار لنفسه أن يكون حزب أنصاف المواقف، وما يوافق هوى قيادته لكن قد يستفز القواعد يصمت عنه، وما يوافق هواها مع بعض الملاحظات لكنه يستفز القواعد بشدة يكتفي بالتحفظ الباهت عليه، وما لا يوافق رأي القيادة يعترض عليه بطريقة لا تستفز الطرف الآخر :

– صمت على كثير من تفاصيل المشروع العلماني قيد التطبيق، وصمت على القبضة الأمنية والاعتقالات، وعلى تسييس القضاء .. الخ.

– تحفظ على العلمانية تحفظاً بارداً مجملاً لم يواكبه عمل يتجاوز عدة جمل في الخطابات والبيانات، الأمر الذي حول التحفظ إلى درجة من درجات القبول.

– اعترض على المحاصصة، ثم شكا من ضعف حصته في الولايات، ثم رضي على مضض.

– تحفظ على لقاء كاودا، وعلى بعثة الوصاية، وعلى تعيين القراي، وعلى ما سماه تجاوز المكون العسكري لصلاحياته، لكن تعبيره البارد والمتأخر عن تحفظاته هذه جعلها بلا قيمة.

المفاجأة الوحيدة في مواقف حزب الأمة كانت تتمثل في الأسلوب الحاد الذي عبر به الحزب عن اعتراضه على التطبيع، وتهديده بإسقاط الحكومة إن لم تتراجع عن قرار التطبيع أو تؤجل البت فيه إلى برلمان منتخب:

– المفاجأة سببها أن هذا الموقف – بجانب خروجه على أسلوب حزب الأمة المعتاد، ومخالفته لتوجهات الحاضنة الإقليمية – سيحرج الحزب الذي كان الجميع يعلمون أنه يتأهب، في مرحلة صناعة حاضنة ما بعد سلام جوبا، للدخول القوي في السلطة لا العكس، بعد أن خدعه الرفاق في المرحلة الماضية وتمكنوا عبر “الكفاءات المستقلة”.

– قرار المكتب السياسي لحزب الأمة بالمشاركة في الحكومة لم يكن مفاجئاً لأحد، فمن هو ذلك الذي كان يظن أن موقف حزب الأمة من التطبيع مبدئي وحاسم ولا مساومة فيه إلى درجة أن يصالح عليه ويخاصم ؟

لذلك ليس مفاجئاً أن يقترب الحزب من الحكومة أكثر في زمن زيادة مسببات تحفظاته كماً ونوعاً:

– زمن زيادة سيطرة المكون العسكري.
– زمن انتقل فيه حمدوك من لقاء كاودا المتحفظ عليه رغم إنه بلا مخرجات إلى لقاء أديس ذي المخرجات الساخنة.
– زمن انتقال المشروع العلماني إلى خطوات أسرع وأكبر.
– زمن وصول بعثة الوصاية المتحفظ عليها.
– زمن التطبيع الذي تقول الحكومة أن قراره أملته المعدة الفارغة لا العقل الملآن .

سيخطئ التقدير من يظن أن رحلة الاستشفاء – وحدها – هي التي غيرت موقف حزب الأمة من التهديد بمفاصلة الحكومة بسبب التطبيع إلى معانقتها برغمه.

زر الذهاب إلى الأعلى