إبراهيم عثمان يكتب: الجاتك في مبدأك سامحتك

( العقل والمصلحة بعيداً عن المبادئ قد تنشأ عنهما الكثير من الكوارث ) – نجيب محفوظ
قالها وزير العدل صريحة قاطعة ( لا يوجد شيء يسمى ثوابت الأمة السودانية)، وكان دقيقاً في تعبيره عن الواقع الآن حيث لا مبدأ إلا المصلحة الخاصة بقحت
. سنتأكد من ذلك إذا قارنا ردود أفعال أحزاب قحت على قراري التطبيع ورفع الدعم، مع رد فعلها الموحد على مرسوم مجلس الشركاء .
▪️ قرار التطبيع ذو ارتباط “مباشر” بالمبادئ، وقرار رفع الدعم ذو تأثير “أكيد” على معاش الناس، ويكاد يكون رفض رفع الدعم من “مبادئ” أحزاب قحت التي لا تقبل المساومة بها، أو هذا ما كانت تقوله، وكانت كل انتفاضاتها في الماضي ذات ارتباط وثيق بالمساس بهذا المبدأ.
.. قراري التطبيع ورفع الدعم كانت النوايا فيهما معلنة، أما مرسوم الشراكة فأحزاب قحت “تشتبه” في مساسه بسلطتها، وفي نوايا من أصدر المرسوم، ومع ذلك كانت ردود الفعل على “المباشر” و “الأكيد ” والمرتبط بالمبادئ وبمعاش الناس أقل بكثير من ردود الفعل على المشتبه به والمرتبط بمحاكمة النوايا طالما إن هذا الإشتباه في شئ يمس المصالح السلطوية.
▪️في قراري التطبيع ورفع الدعم لم يكن هناك إجماع قحتي على الرفض، وكانت بيانات الرفض باردة وأشبه بالتحفظات الخجولة على قضية صغيرة وهامشية، ما عدا بيان حزب الأمة (الذي تراجع عنه لاحقاً) .. وفي القرارين بصم الجمهوريون والسنابل، والحزب الناصري بصم على رفع الدعم، أما حمدوك فقد كان شريكاً في القرارين .
▪️ في حالتي التطبيع ورفع الدعم لم تكثر المقالات والمنشورات الرافضة، ولم تقم الأحزاب المعترضة والمتحفظة بتجييش لجان اليسار في الأحياء، ولم تتم دعوة “الترس” للصحيان. ولم تكثر البيانات المهددة من اللجان .
▪️ في حالتي التطبيع ورفع الدعم لم يتعنت المعترضون من القحاتة ولم يتمسكوا بالإلغاء الفوري للقرارات، ولم يطرحوا حلولاً وسطى، وسرعان ما تناسوا الأمر، وهو ما يثبت أن اعتراضاتهم كانت فقط من أجل رفع العتب وتخدير الضمير مع ترك القرارين ليمرا عسى أن تأتي منهما مصلحة للحكومة .
▪️ في حالتي التطبيع ورفع الدعم لم تخلق الاعتراضات أزمة تحتاج للاجتماعات الماراثونية، والجودية والوساطات .
” الجاتك في مبدأك سامحتك” شعار قحت الذي يفسر كل سلوكها، فأخف ردود أفعالها تكون على ما يمس مبادئها المزعومة وما يمس مصالح الجماهير، وأشد اعتراضاتها تكون على ما يمس مصالحها السلطوية .