محجوب فضل بدري يكتب: رحيلُ رجلٍ هُمام

-لا يجوز أن يقال عنه أنه كابتن كابو، نقيب المنتحرين، فى مسرحية (نقابة المنتحرين)، وليس هو العمدة سالم فى مسرحية (مهمه خاصة جداً) ولا هو الجاويش حميدة فى (مسلسل دكين) !!.

– لكنه جماع ذلك كله فهو الكابتن والعمدة ورجل الشرطة، هو الأستاذ الدكتور عبدالحكيم الطاهر، رائد مسرح الصُم، وصاحب جائزة العرض المتفوق لمسرح الصم/إسبانيا ٢٠٠٣م، هو الرجل العصامي الذي بدأ حياته عاملاً بسيطاً فى مصنع النسيج السودانى، وفقد كفه اليسرى أثناء العمل،فأحتضنه رجل البر والإحسان الراحل الإنسان د.خليل عثمان، وقبل إستمراره فى العمل بالمصنع رغم الإعاقة المستديمة، والتي ما أعاقت إرادته فتحوَّل من صبي معاق،إلى تلميذٍ مجتهد، وطالبٍ مُجِد، نال الشهادة السودانية بجدارة بعد ان كان (بالكاد يفك الخط) وكان يعانى من قراءة النصوص البسيطة وهو يؤدي بإذاعة أم درمان أدواراً ثانوية مع فرقة الرائد المرحوم الفاضل سعيد، وولج عالم التمثيل من أوسع أبوابه بعدما تخرَّج من كلية الموسيقى والدراما/جامعة السودان.

وإستزاد من العلم فى جامعة القاهرة بمصر حيث نال درجة الماجستير،ثمَّ توَّج تحصيله الأكاديمي بنيله درجة الدكتوراة من جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، وانتج وأخرج وشارك فى المئات من الأعمال الدرامية على خشبة المسرح عشقه الأول، فالأعمال الإذاعية،والمسلسلات والبرامج التلفزيونية، والتدريس فى قاعات الجامعات ومئات الندوات والمحاضرات، والجولات في العاصمة والولايات والمشاركات الخارجية التى لا تُحصى ولا تُعَد.

-وكان شديد الحفاوة بمطلع العام الميلادي، وكان يقول ضاحكاً (يوم واحد واحد) ليس عيداً لإستقلال السودان فحسب، فهو كذلك (عيد ميلاد) ملايين السودانيين بالتسنين!! وتحبك معه النكتة فيزيد (السودان ذاته مستقل بالتسنين وليس بالميلاد) !!.

وشاءت إرادة المولى أن يموت د.عبدالحكيم الطاهر بالتسنين، فانتقل الى رحاب المولى عزَّ وجلّ يوم (واحد واحد واحد وعشرين)!!.

وهكذا جاءت نهاية رحلته المليئة بالآلام والآمال والأحلام، وخلَّف آلاف بل عشرات الآلاف بل مئات الآلاف من الطلاب والمعجبين بعلمه وفنه وانتاجه وإجتهاداته التي لم تنقضي ولن تنتهي برحيل كابتن كابو نقيب المنتحرين، ورائد مسرح الصم، ومثال العزم والإرادة والطموح الذى لا تحده حدود، ولا توقفه إعاقة جسدية.

ألا رحم الله الرجل الحكيم عبدالحكيم ورفع روحه الطاهرة، الى مقام البررة الأطهار.

زر الذهاب إلى الأعلى