عادل عسوم يكتب: عمرة حمدوك

أبارك لحمدوك العمرة، ونسأل الله القبول وأن يكتب له أجر النسك.

تابعت التعليقات منذ الأمس، فوجدت الناس مابين فَرِحٍ مغتبط بهذه العمرة؛ حتى تخال بأن الإسلام قد بني على عمرة!، فرحة تماها معها الرجل عندما رفع أصبعيه (في إحدى صوره وهو في الحرم)!.

وآخرون متشككون في الدافع لهذه العمرة، لكونه -كما قيل- لم يعتمر طوال حياته، ولم يؤدِّ حجة الفريضة، والمعلوم أن هذه الزيارة هي الثالثة -أو الرابعة- له إلى السعودية منذ استوزاره، لم يفكر خلالها في أداء العمرة!.

وتأتي هذه الزيارة بعد أن أصبح خالد سلك في موقعه الحالي، وقد كتب البعض بأن وزير رئاسة الوزراء خلف (فكرة) هذه العمرة، وقد يكون للأمر وصلٌ بالذي قاله الشيخ عبدالحي في حمدوك، وَرَدٌ عليه، ثم مآرب أخرى.

بلا جدال إن أداء الشعائر والأنساك أمر يخص العبد، إذ هي صلة بينه وبين ربه، لكن الأمر يختلف عندما يكون التقييم -جرحا وتعديلا- لمن يتولى أمر الناس رئيساً لسلطة تنفيذية، ومعلوم أن الأصل في الغيبة التّحريم للأدلّة الثّابتة في ذلك، لكن -مع هذا- فقد ذكر العديد من العلماء، ومنهم النّوويّ رحمه الله أموراً تباح فيها الغيبة لما فيها من المصلحة، ولأنّ المجوّز في ذلك له غرض شرعيّ لا يمكن الوصول إليه إلاّ بها.

والأمر هنا يرتهن بحاكم بدر منه مايناقض القناعة بالدين، فقد وقَّعَ حمدوك مع -صديقه- عبدالعزيز الحلو في سبتمبر 2020 إتفاق مبادئ في العاصمة الإثيوبية، نص هذا الاتفاق على وضع دستور للسودان يقوم على فصل الدين عن الدولة، مع احتفاظ الحركة بحق تقرير المصير في حال إخفاق المفاوضات في التوصل إلى -اتفاق المبادئ- الموقع عليه!.
حمدوك بهذا الإتفاق مع الحلو يشي بأنه يرفض الدين الذي جعله يعتمر!.

نعم إن حرص الحاكم وحثه على أداء الشعائر والأنساك لمحمود، لما في ذلك من تثمين وإعلاء لدين الله، وقد يكون في فعل الحاكم لذلك وإظهاره على الملأ مدعاة للاقتداء من شعبه، وهو أيضا يصب في خانة إبراء الذمة بكونه شيوعي -كما ذكر ذلك صديق يوسف-.

والشيوعية معلوم عنها أنها ترفض الدين باعتباره افيونٌ للشعوب، وكل شيوعيي السودان – بلا استثناء- ينادون بفصل الدين عن الدولة وبعلمانيتها كما هو معلوم، والسؤال الذي يطرح نفسه:

هل الأصلح للحاكم أداء شعيرة (فردية) تصل الذي بينه وبين ربه؟، أم الأولى الحرص منه على أمر يتعداه إلى شعبه، يكون فيه نصرٌ لدين الله وصلاحٌ لشعبه؟!. 

لنحسن الظن -حتى- في مسعى حمدوك ومن حوله إلى الإظهار والترويج لأدائه لهذا النسك، ومن حق الشعب السوداني رصد ومتابعة مايترى من أفعال وقرارات لرئيس الوزراء، ليتبين الناس تمام حرصه على دين الله، الإسلام الذي يدين به أكثر من 97% من أهل السودان، فهل تُرى يظل -بعد أدائه للعمرة- ينادي بفصله عن الدولة؟. 

يقول ابن القيِّم فى مدارج السالكين عن علامات قبول الطاعة: “أما إذا تذكَّر الذنبَ ففرح وتلذَّذ فلم يُقبل، ولو مكث على ذلك أربعين سنة” قال يحيى بن معاذ: “مَن استغفَر بلسانه وقلبُه على المعصية معقود، وعزمُه أن يرجع إلى المعصية ويعُود، فصومُه عليه مردود، وباب القبول فى وجهه مسدود”.

ومن علامات القبول زيادة الطاعة: قال الحسَن البصرى: “إنَّ مِن جزاءِ الحسَنةِ الحسَنة بَعْدَها، ومِن عقوبةِ السيئةِ السيئةُ بعدها، فإذا قبل اللهُ العبدَ فإنه يُوفِّقه إلى الطاعة، ويَصْرفه عن المعصية، وقد قال الحسَن: “يا ابن آدم، إن لم تكن فى زيادة فأنتَ فى نقصان”.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى