العيكورة يكتب: ورحل جبل الحديد الصم

بقلم: صبري محمد علي (العيكورة)

غيب الموت يوم أمس الاستاذ الصحفي الباشمهندس الطيب مصطفى والمدير الاسبق للهيئة العامة للاذاعة والتلفزيون والعضو البرلماني ورئيس لجنة الاعلام بالمجلس الوطني سابقاً ورئيس ومؤسس حزب منبر السلام العادل وقد شيعته جموع غفيرة عصر أمس الى مثواه الاخير بمقابر حلة حمد بعد أن ام المصلين على جنازته الشيخ كمال رزق من مسجد السيد علي.

وقد تابعت الوسائط الاعلامية التشييع المهيب بحضور قادة الحركة الاسلامية وقادة الاحزاب الاخري. دون تواجد رسمي للدولة وما كنا نتوقع منها غير ذلك ولن يضير الراحل ولا اسرته ومحبيه ان اتوا او لم يأتوا فقد استرد الله الوديعة وبقى الجسد الطاهر وقد وري الثرى على سنة رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. 

رجل فى قامة الطيب مصطفى كنت اتوقع على الاقل ان تفرد له اجهزة الاعلام الرسمية مساحة لرجل كان يجلس على كرسيها الاول فى يوم ما ومع قناعتي ان هؤلاء لا يحدثون عن ذكر محاسن الموتى لانهم لن يستوعبوا مثل هذا الحديث ولكن زمالة العمل كانت تتطلب موقفاً مشرفاً ولو فى ادنى درجات الشرف ولكنهم لم يفعلوه.

بل وطارت بعض مواقع الشامتين بالموت من فلول اليسار الذين كانت ترعبهم كلمات الطيب وتفقدهم الصواب نعم شمتوا بالموت وليتهم يحموا انفسهم من ان يدركهم ذات الكأس!. 

الطيب مصطفى الصدّاح بالحق الصادع بالكلمة (الخنجر) أخرسهم موته كما اخرستهم حياته المليئة بالمجاهدات والكلام (العديل) وهذه مشكلة ظل الراحل يعانيها طيلة حياته وهو انه لا يعرف أنصاف الحلول ولا أنصاف الكلمات وليس فى قاموسه مساحة لبلاغة (التورية) ولا يسمي الاسماء الا بمسمياتها رضى الناس ام سخطوا فالغاية عنده رضى المولي عز وجل.

من غير الطيب مصطفى صدح بها عالية فى وجهة البرهان وزمرته ان (اتقوا الله) فى سجناء كوبر! من غيره غضب غضبة الاسود عندما حاول بعض فلول اليسار النيل من حرمات الناس يوم ان نشروا صوراً للسيدة وداد بابكر مرهقة فى مكاتب التحقيق فمن غير الطيب زأر فى وجه هؤلاء .من كتب عن معمر موسي وحسين خوجلي وهما حبيسان.

من عرى لجنة إزالة التمكين من أطلق (منّاع للخير) من وقف شامخاً ضد دعوى القراي حين قال إنها قربى يتقرب بها لله عز وجل لم يتلجلج الطيب مصطفى ولم يعتلي زبد اليوم مع الحكام ولا أظنه قد سمع يوماً بكلمة (مساومة) أو هذه بتلك. 

نعم رحل (جبل الحديد الصم) ولا نقول إلا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا إليه راجعون ولكن لم ترحل ثوابت الرجل تركها إرثاً ثقيلاً لعضوية حزبه ومحبيه وإخوانه ترك لهم (يا للعجب) و(الرويبضة) و(الانبطاح) و(قل لى بربك) و(فقع المرارة) وغير ذلك من كلماته الحصرية التى تحدث إفاقة للقارئ والمستمع وكأن الطيب يتحدث بلسانه.

هل منكم من قرأ للطيب (مقال إنشائي) يحدثنا عن الزهور والاشجار والماء؟ لا اظنه كان له نصيب من ذلك فكل همه كان الدين والدعوة ومناهضة الظلم وكلمة الحق فى وجه سلطان جائر. 

الطيب مصطفى نعم أيد انفصال الجنوب وتلك كانت رؤية حزبه واحتفل بعد ان تحقق وبطريقته ولكن يظل من فصل الجنوب هم الجنوبيون أنفسهم بتصويتهم بنسبة ٩٩% لصالح الانفصال.

والذين ساءهم ذبح الطيب مصطفى للثور امام مقر حزبه يومها عليهم ان يتذكروا باقان اموم ومقولته المتعالية (باي باي وسخ الخرطوم) والذى كان يحرض على الانفصال حتى لا يعيش الجنوبيين كمواطنين (درجة ثانية) بالشمال.

بدلاً من اجتزاز الحقيقة والصورة التى يروج لها الشامتون فى الموت هذه الايام بعرض صورة الراحل بين مناصريه أمام الثور المجندل فتلك قناعة الطيب وظل يدافع عنها حتى لقى ربه فليموت الشامتون بغيظهم فالرجال مواقف والطيب كان رجلاً رحمة الله عليه.

عجبت ومنذ الأمس [الانتباهة] اكتفت بنعيه فى سطور مقتطبة فى (٢٧) كلمة باسم مجلس الادارة وقد اكون متسرعاً فى الحكم ولكن سنتابع الاقلام الاخرى.

فسوى مقال جاء مؤثراً ليلة البارحة للاستاذة هويدا حمزة وآخر للدكتور حسن محمد صالح وثالث لشخصي اعتصرت فيه القلم عصراً حتى يكتب غير ذلك فلم يكتب احداً من تلاميذ الطيب! فأين ذهب زملاء المهنة واين أقلام من كانت رواتبهم تمر تحت توقيع الطيب؟. 

اللهم أرحمه رحمة واسعة ملء الأرض وملء السماء وملء ما بينهما إنك ولي ذلك والقادر عليه. 

(إنّا لله وإنا إليه راجعون). 

* خاص بـ(متاريس)

الاثنين ١٧/ مايو ٢٠٢١ م

زر الذهاب إلى الأعلى