آراء

وما زال مسلسل «الحلو» يتواصل«2»

بقلم: عادل عسوم

تحدثت في الجزء الأول السابق من المقال عن عبدالعزيز الحلو وما يدور في كاودا، وهذا هو الجزء الثاني والأخير.

يقال إن عدم جواز الصمت في موضع البيان ليست قاعدةً شرعيةً وحسْب، بل هي قاعدةٌ سياسيةٌ أيضاً. ومثلها القول الآخر: ما ترك الناس أمراً من أمور الشرع إلا أحوجهم الله إليه، فما بالكم بالذين يتركون الشرع، بل الدين (بعضمو)؟!

فكل أهل السودان يعلمون أن قحت سعت مع سبق الإصرار والترصد إلى رفض جعل الإسلام مصدراً للتشريع في وثيقتهم الدستورية، تلك الوثيقة التي وقعوها مع المجلس العسكري الذي رفض الموافقة على هذا البند في البدء، لكنه رضخ لاحقا لقحت وتم التوقيع.

بذلك فإن قحت وحكومتها فتحت على نفسها -دون أن تنتبه- الباب لأمثال عبدالعزيز الحلو وسواه من الشيوعيين، كي يأتوهم بكل ما ينقدح في رؤسهم، وما يعتور في نفوسهم الكارهة للدين، وماتنطوي عليه رغائبهم واهواءهم من شروط واجندة مؤسسة على هذا التفريط الأرعن في الدين، ليُحْرَجوا به بل ويُذَلُّون أمام الشعب السوداني الذي سرقوا ثورته، بعد ان جقلبت الخيول وأصبحوا حماميدها الذين نالوا الشكرة والاستوزار.

وكل متابع للمشهد يعلم يقينا إن رفض قحت للدين في وثيقتهم كان بدفع وفعل من اليسار والشيوعيين منهم بالأخص، حيث كانوا ومافتئوا المسيطرون على قحت، ومن قبلها واجهة تجمع المهنيين، وهم في ذلك مع مبدئيتهم -فكرا ومنهجا- في رفض الدين.

إلا إن المكايدة السياسية (الصبيانية) والحقد الأعمى تجاه الإسلاميين كان واضحا في كل حراك لهم تتبينه كل عين بصيرة.

إذ أن القوانين والضوابط الحاكمة جميعا وضعها غرماءهم من الإسلاميين، ومن الأدلة الواضحة والفاضحة لهم على ذلك، الذي حدث لمدير شرطة ولاية الخرطوم السابق الفريق عيسى آدم إسماعيل، والذي تم اعفاءه مباشرة بعد مطالبته بإعادة العمل بقانون النظام العام، وهو القانون الذي تم الغاءه منهم دون دراسة، ودون وضع بديل، ودون تحسب لما يمكن أن يحدث من تفلت بل وايشاك على الانهيار الأمني.

قال الفريق عيسى في حوار مفتوح مع الجمهور على قناة الجزيرة مباشر، “اسهم إلغاء قانون النظام العام في زيادة التفلتات بالولاية، أقول ذلك بملء الفم وللاسف الشديد الحريات المتاحة فسرت تفسيراً فوضوياً وبالتالي نحن كأجهزة تنفيذ القانون نطالب بعودة هذا القانون وجزء من المجتمع طالبنا بعودة النظام العام”.

وزاد الفريق عيسى: ”يمكن أن يتغير اسم القانون لكن اعتقد انه قانون ضروري جداً لحفظ تقاليد المجتمع وعاداته لان السودان دولة محافظة ولديه عادات وتقاليد وإرث ضارب الجذور “.

فماذا كانت ردت فعل قحت؟!
قال أحد قياداتهم مامعناه، بأن هذا القانون طالما وضعه الكيزان فلابد أن يُلغى!
إنها عقلية اليسار في قحت!
وهذا أحد الأمثلة العديدة الدال على الرعونة والذهنية الخربة وانتفاء الوعي السياسي لديهم.

لذلك توالى الفشل منهم في كل مرافق الدولة، وفي كل مناحي الحياة في السودان، ولم ولن ينفع حمدوك إقالته للحكومة الأولى طالما كان الماعون واحد والحاضنة ذات الحاضنة وبذات الشخوص وذهنياتها.

لذلك فإن اللوم لا ينبغي ان يصب على رأس الحلو لو ازدادت مطالبه واشتراطاته في كل لقاء (اطاري) قادم، وقد وصل به الحال بالأمس إلى رفضه ليوم الجمعة كيوم عطلة للسودان دون ان ينتبه إنه كذلك منذ استقلال السودان، بل وحتى خلال فترة الاحتلال الانجليزي، ليطالب بإبداله بيوم الاربعاء!
من يستهين بدين الله وشرعه عليه ان يعلم يقينا بأنه يحارب رب الأرباب، ولينتظر مايأته من الجبار.

ومما يُضحِك قيل أن بعض اعضاء الوفد الحكومي خرجوا من اللقاء يتندرون بمطالبة الحلو بجعل يوم الاربعاء مكان الجمعة، ولكن لآت ساعة تندر ولآت ساعة مندم، إذ طالما رفضتم الدين الذي جعل الجمعة يوم عطلة، فلا حجة لكم اليوم لرفض ما أمر به الحلو، ولو كنتم تركتم الإسلام -ولو أحد مصادر التشريع في وثيقتكم- لوجدتم اليوم مبررا وحجة تستطيعون بها قفل الباب على الحلو وأمثاله عن المطالبة بأمثال هذه الطلبات والاشتراطات والأوامر التي تحرجكم مع الشعب وهي قبل ذلك تضعكم في مواجهة وحرب مع الله رب هذا الدين ومُنزِله.

لذلك سيحوِّجكم الله -رغما عنكم- لهذا الدين وإن فعلتم ذلك تقية لاتقاء رفض وغضب هذا الشعب المحب لدينه، وبحول الله ستُؤتَون من حيث لا تحتسبون ليكون ذلك السبب في ذهابكم زبدا جفاء إلى منافيكم، ويبقى ما ينفع الناس من قوانين تحفظ لهم دينهم وطهرهم ووضاءتهم، فإن الله يرى، ويسمع، وهو الحافظ لدينه وعباده بتدبير لا تعلمونه، وليتكم ترعوون، أو تهتدون.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى