د.مزمل ابوالقاسم يكتب: ثغر السودان العابس
* تعالت الأصوات، وتعددت الصرخات لتتساءل عن سبب الإهمال القبيح الذي يتعرض له ميناء بورتسودان منذ فترة، وما من مجيب.
* الحال في ثغر السودان (العابس) يغني عن السؤال، بعد أن تسبب تعطل ست رافعات شوكية في إعاقة حركة المناولة، لتنخفض في الميناء الجنوبي إلى أقل من (30 %)، وتتعطل حركتا الصادر والوارد، وتتكدس السفن خارج الميناء، ويضطر بعضها إلى العودة من حيت أتى، من دون أن يتمكن من تفريغ حمولته، ونقل الحاويات المتكدسة في الميناء إلى منافذ التصدير.
* يتميز ميناء بورتسودان بحوضٍ عميق، يمكنه من استقبال أضخم السفن في تسع ساعات فقط، ترتفع في بعض الموانئ إلى 72 ساعة، تبعاً لفقدان العمق اللازم للمناورة قبل دخول حوض الميناء.
* هبة ربانية، حبانا بها المولى عز وجل بلا أدنى جهد، فلم نحسن استثمارها، لأننا لا نجيد استغلال الفرص المتاحة لنا، ولا نفلح في استغلالها لتنمية بلادنا المنكوبة بالإهمال والعجز والكسل والفشل المقيم.
* ستة كرينات تحتاج إلى إسبيرات من الصين، لم تجد من يشغل نفسه بتوريدها، في هيئة تنفق أكثر من مليون يورو سنوياً على تدريب منسوبيها خارج السودان، خصماً على بند التأهيل، وهي عاجزة عن صيانة أهم المعدات التي يقوم عليها عملها.
* علام يتدرب هؤلاء الكسالى؟
* ولم لا يتم توفير المال الذي ينفق على سفرياتهم المتكررة، ونثرياتهم الدولارية، طالما أنهم عاجزون عن إدارة الميناء، وإصلاح اعوجاجه، وإقالة عثرته، وتشغيل آلياته كما ينبغي؟
* كيف تزعم حكومة حمدوك أنها عازمة على تنشيط حركة التجارة لمضاعفة الصادرات، وتحسين حال الاقتصاد المنهار، ومعالجة أزمته المستفحلة من دون أن تولي الميناء الوحيد أدنى اهتمام؟
* قبل أيام من الآن تعرض أحد زوارق السحب المسمى (طق) إلى الغرق في مدخل الميناء، وتسببت الحادثة في وفاة عدد من عمال السحب، فتمت الاستعانة بالقوات البحرية لانتشال جثامينهم.
* أشارت الحادثة المؤسفة إلى إهمال جسيم، وفشل مقيم في توفير أبسط مقومات السلامة للعاملين في هيئة غزاها الإهمال من رأسها حتى أخمص قدميها، وسيطر التسيب والفشل على دهاليزها، ليتسبب في تعطيل حركتي الصادر والوارد.
* الحاويات متكدسة في الميناء، وحركة التفريغ تسير ببطء قبيح.
* المصدرون يجأرون بالشكوى بعد أن مكثت بضاعتهم أكثر من شهر في حوش الميناء، من دون أن تجد من يرفعها في بواخر تتزاحم أمام حوض الميناء بلا جدوى.
* المستوردون يتكبدون خسائر فادحة جراء التأخير في تخليص حاوياتهم، وتراكم الغرامات المتعلقة بالأرضيات عليهم، وهيئة الفشل المقيم تنظر إلى الأمر وكأنه لا يعنيها، ووزارة البنى التحتية والنقل مشغولة عن تلك المصيبة الكبيرة بالبلوى التي أحدثها مدير مكتب الوزير قبل فترة.
* الوزير نفسه غائب، والحكومة الانتقالية مشغولة باجتثاث (الكيزان)، ولاهية عن رعاية المنفذ البحري الوحيد للبلاد بالسعي إلى الاقتصاص للنفس من حكام العهد البائد، وكأنها لا تحسن إنجاز عملين في آنٍ واحد.
* ما يحدث في ميناء بورتسودان يمثل كارثة قومية بكل معنى الكلمة.
* مطلوب من الدكتور عبد الله حمدوك أن يتوجه إلى بورتسودان فور عودته من أمريكا، كي يقف على حجم المصيبة التي تسيطر على دهاليز الميناء، ويرى بأم عينيه كيف يتضخم الإخفاق، ويتعملق الإهمال ليغلق المنفذ البحري الوحيد للسودان، ويفاقم أزمة هذا البلد المنكوب بالفشل.
* حسبنا الله ونعم الوكيل.