إبراهيم عثمان يكتب: انقلابيون بالفطرة
ليس هناك من هم أكثر تلوناً ولامبدأية بخصوص الموقف من الانقلابات كأحزاب الفكة اليسارية السودانية ومجموعة المثقفين الذين يدورون في فلكها، فسجلهم ملئ بتأييد الانقلابات الناجحة والفاشلة إلى الحد الذي يجعلها قوى انقلابية بامتياز رغم حرصها على تسمية نفسها بـ”القوى الديمقراطية”، والأدلة على ذلك كثيرة جداً :
▪️ بدءاً بانقلابات الأحزاب الأم : الانقلابات الشيوعية حول العالم، وانقلابات البعث في العراق وسوريا، والانقلاب الناصري في مصر .
▪️ ثم انقلاب نميري (الشيوعيين والقوميين العرب) وانقلاب هاشم العطا (الشيوعيين) ، انقلاب رمضان (البعثيين)..
▪️ ثم انقلاب الجزائر، انقلاب مصر، انقلاب تركيا الفاشل، انقلاب حفتر الفاشل في ليبيا، الإجراءات ذات الطابع الانقلابي في تونس.
▪️ وهناك تأييد مفتوح لأي انقلاب على أي انتخابات لا تأتي باليساريين والعلمانيين إلى السلطة، والحجج جاهزة، والأدبيات متوفرة، يكفي أن ينتقوا الجمل المناسبة لكل حالة من إرثهم الكبير في بيانات تأييد الانقلابات.
بالأمس نشر القيادي البعثي محمد ضياء الدين بيان البعث التونسي الذي يهاجم (الأحزاب التي وصلت للحكم بالتزوير والغش وشراء الذمم والدعم الأجنبي)، ويؤيد إجراءات الرئيس ضد الحكومة المنتخبة والبرلمان المنتخب، وجمع الرئيس لكل الصلاحيات.
وهذا موقف غير مستغرب من البعث إذ لم تعطه الانتخابات المتكررة في تونس أي وزن في البرلمان يؤهله للمشاركة الفاعلة في الحكومة، ورغم أن البيان قد توسع في احصاء عيوب البرلمان والحكومة في تونس بما يزيد عما قاله قيس سعيد نفسه، إلا أنه إذا قيس إلى الحال في السودان فسيقل كثيراً عن وصف بؤس الحال، ولذلك فإن أفضل موقف ستتخذه الأحزاب الأخرى هو الصمت المتواطئ.
وهذا مقتطف من مقال كتبته قبل أكثر من عام ( قالوا : ليت إسلاميي منطقتنا يقتدون بأردوغان في موقفه المرن من العلمانية، لكن عندما تحركت دبابات العسكر في شوارع تركيا، وقبل أن يعرفوا من يمتطونها، كتبوا نيابهم عنهم – على صفحاتهم في مواقع التواصل- ما يصلح ليكون فقرات من بيان الإنقلاب، وشتموا أردوغان بما يجعل إسلاميي المنطقة يعلمون أن تقليدهم له مهما كان ممتازاً يعني عند العلمانيين ارتكاب ما يبرر إنقلاباً!! ومن المؤكد أن مديحهم لحركة النهضة في تونس يمكن أن تكشف زيفه دبابة تتحرك في أي لحظة وبأي ذريعة، وبالتأكيد سيكتبون لقائدها البيان الأول في أثناء انشغاله بسحق أي مقاومة).
المؤكد أن هذا التأييد المفتوح للانقلابات المرضي عنها سيتكرر مرة أخرى في السودان في حالتين : وقوع انقلاب يساري بواسطة من يسمونهم “شرفاء الجيش” ضد النظام القائم الذي يشاركهم فيه آخرون ويطاردهم في ظله كابوس الانتخابات الذي لا بد أن يأتي مهما تهربوا منه، أو انقلاب بعد الانتخابات التي تلي الفترة الانتقالية، والتي لن يفوزوا فيها إذا كانت حرة ونزيهة.