آراء

حكومة تحرمني منك.. تسقط بس!

بقلم: إبراهيم عثمان

في غمرة الدوس الشامل والأعلاف المتجددة نسي الناس قصة العشيقين اللذين زُِعِم بأنهما كانا وراء شعار “تسقط بس”، نسوها كغيرها من القصص المصنوعة بعناية لمخاطبة المراهقين والشفاتة وقاع المجتمع المتمرد على الأعراف والتقاليد.

وقد كان واضحاً أن الجهة التي وقفت وراء صناعة القصة وترويجها كانت تهدف لإرسال رسائل بأن “ثورة” السودان مختلفة عن ثورات الربيع العربي، وذات طابع علماني بحت لا علاقة له بحياء الأسر المحافظة، وهذا ساهم في جلب الدعم الخارجي، وصنع سيطرة ثقافية على الحراك.

أما الفئات المحافظة فقد كانت الخطة أن لا تكون لها الغلبة، وأن يسير من يشارك منها خلف التيار في تنازل/تهميش بدأ منذ أول لحظة وتأكد وتعمق بعد الوصول إلى الحكم.

لم يصادفني ما يثبت بأن هناك عاشقان حقيقيان تبادلا هذه الرسائل، وقاما بتصويرها ونشرها، وحسب متابعتي لم تتم أيقنة هذين العاشقين، ولم يظهرا على أي شاشة سودانية، أو على صفحات جريدة، ولم تستضيفهما أي قناة أجنبية من التي روجت لهذه القصة بما فيها قناة الجزيرة التي أعطت للقصة مساحة في موقع الجزيرة نت، وبما فيها المواقع العربية التي روجت للقصة بإعجاب واضح، ولم يرافق العاشقان المزعومان حمدوك إلى باريس، ولم تتبرع جهة داخلية أو خارجية بتزويجهما وبناء منزل لهما.

بعد هذه السواقة الخبيثة وصلنا الآن إلى وضع يجعل من الصعب إحصاء الحالات التي يمكن أن تُقال فيها العبارة بصدق ودون إيحاءات أو رسائل خبيثة :-

▪️يقولها صادقاً مريض لم يجد مستشفى، ويقولها مريض آخر لم يجد الدواء، ويقولها مريض ثالث وجد الدواء ولم يملك ثمنه.

▪️يقولها الذين يعانون من انقطاع الماء والكهرباء .

▪️ يقولها الذين حُرِموا من التعليم بسبب التكلفة العالية، أو بسبب اضطرارهم لقطع الدراسة والعمل لمساعدة أسرهم .

▪️ يقولها الذين لم يعودوا يحتملون تكلفة الانترنت التي تضاعفت عدة مرات.

▪️يقولها الذين حرموا أنفسهم من كثير من أنواع الغذاء واقتصروا على الضروري الذي يحفظ الحياة.

▪️يقولها الذين أفلستهم الحكومة التي اعترفت بأنه لا خيار أمامها غير جيوب المواطنين .

▪️قد يقولها خطيبان أعجبتهما القصة فتبادلا رسائل شبيهة ثم أتت ظروف القحط وأخرت زواجهما.

▪️ يقولها الأهل والمعارف الذين أكد حمدوك نفسه بأن سياسة رفع الدعم عن الوقود تستهدف، من ضمن ما تستهدف، حرمانهم من كثرة التواصل .

▪️ يقولها الذين يضطرون إلى المشي لمسافات طويلة لتوفير تكلفة المواصلات .

▪️ يقولها العاملون في الخرطوم الذين كانوا يزورون أهاليهم في الولايات المجاورة كثيراً .

▪️يقولها ابن لأمه التي يعمل بعيداً عن مكان إقامتها، ويفضِّل أن يرسل لها تكلفة مشوار الذهاب والعودة لأنه لم يعد يستطيع أن يجمع بين الزيارات في فترات متقاربة والعطاء.

▪️ يفولها الكثيرون الذين تخلفوا عن المشاركة في مناسبات أهاليهم في مناطق أخرى بسبب تكلفة المواصلات.

▪️ يقولها الذين فقدوا الأمن وتعرضوا للاعتداءات والسرقات.

لا يوجد نظام أحق من نظام القحط هذا بالإسقاط تحت عنوان مقولة كهذه فالحرمان هو عنوان هذا العهد.

زر الذهاب إلى الأعلى