حسن فضل المولى يكتب: أحمد البلال الطيب

يملؤني يقين جازم أن العصامية لو تجسدت في رجل لقالت : أنا أحمد البلال الطيب .. والعصامية تعني بذل الوسع مع الاعتماد على الذات وهي نقيض العظامية والتي هي الاعتماد على الآباء والأجداد الذين سلفوا .. ذلك أن أحمد البلال والذي تعود أصوله إلى (ديم القراي) شمال شندي وهي المنطقة التي رأسمال إنسانها الوحيد هو العزة بالنفس والأهل والبلد، وهي (القيمة) التي رضعها وترعرع ونشأ عليها أبو حميد لذا فإنه لا ينفك مسكونا بالأنفة والعزة والإباء والشمم ..
والذين عرفوا هذا الرجل عن قرب رأوا كيف بنى مجده لبنة لبنه بكده وعرقه وسهره الليالي بينما الآخرون يغطون في نوم عميق وعندما يصبح عليهم الصباح يتساءلون من أين له هذا؟..
نعم ،هو سيرة كفاح تمشي على رجلين.. يعمل ويعمل وكأنه يسابق الزمن وتجده دائما مسرعا حتى في مشيته كأنما ينحدر من صبب .. ودائما ما يلقاك وهو مثقل بالهموم والأوجاع فلا يحدثك إلا عما يتهدد السودان من مكاره وأهله فى غفلة سادرون .
وصدقوني أنه لم يضع نفسه يوما في خدمة السلطة بل يكون اقترابه منها بقدر تلاقيها معه في هم الوطن والمواطن وهو ما نذر له نفسه وقلمه ..وفي ذلك نجده متواصلا مع من هم في السلطة والذين هم خارجها يبذل لهم النصح وإن كان البعض لم يستبن لهم نصحه إلا ضحى الغد بعد أن رفعت الأقلام وجفت الصحف ..
وهو وإن كنت تحسبه صلدا وكأنه قد قد من صخر إلا أنه يحمل قلبا رويا بالصبابة والهوى يطرب حتى الثمالة للغناء ويحتفظ بأجمله وأعذبه ويستخفه الجمال.. ويهوي العيون السودا ..ويرق قلبه ليعطي بلا انقطاع، ذلك أن الكثيرين يحفظون له صنائع المعروف التي ظل يبذلها لهم خفية بنفس راضية وبلا من أو أذى ..
وأذكر أنني عندما غادرت تلفزيون السودان ألح في دعوتي لمكتبه فأتيته ليلا وعندما هممت بالانصراف فأجأني بعطية مبلغا مقدرا من المال فأقسمت عليه أن لا يفعل ذلك فهب قائلا : يا زول علي بالطلاق ما ترجع، ففعلت ونحن من غزية يثنينا الحلف بالطلاق أكثر من الحلف بالله، وهو أمر مستهجن مذموم .
وله في ذلك من المواقف ما يسد عين الشمس ..
وهذا يتضاءل مع ما قدمه لعشرات إن لم يكن المئات من حملة الأقلام الذين أينعوا وأزهروا على يديه لتزدان بعطائهم الصحائف والمنابر والآفاق ..
فلك مني أخي أحمد كل المعزة، متمنيا لك الشفاء العاجل من كل علة لتعود لبلدك الذي أحببت ..ولربعك الذين أحبوك ..ولدارك التي رويتها بحبك .