المحرر السياسي يكتب: عن الدسيس مان ورفقاء الدرب

المحرر السياسي: (متاريس)
قطار يحمل الثوار يشق طريقه نحو عطبرة حيث كانت بذرة الثورة التي ارتوت بدماء الشهداء..حشود هادرة تستعيد مشاهد ديسمبر العام الماضي حينما ارتفعت حناجر الشباب تطالب بالحرية والعدالة والسلام..هكذا كانت الذكرى الأولى لثورة ديسمبر التي وضعت حدا فاصلا لما قبلها بعد ثلاثة عقود من حكم البشير تقلبت فيها البلاد بين يسر يسير وعسر عسير حتى وصلت إلى انسداد أفق صار معه العسر عسيرا على الاحتمال فكانت هبة الشعب التي أثمرت ثورة ابهرت العالم.
في ذكراها الأولى غاب دسيس مان..غاب ليس عن الإطار العام للصورة فقط ولكن غيابه تمدد في تفاصيل المشهد الثوري وهو الذي مثل أيقونة الصورة باكملها..والواقع أن غياب دسيس مان هو معلم لطالما اتسمت به ثورات الربيع العربي في مصر وتونس وليبيا واليمن.
لم يكن غياب دسيس مان غيابا لشخص بل كان غيابا للثورة باحلامها وتطلعاتها واهازيجها في الحرية والعدالة والسلام ..كان غيابه عنوانا لكتاب تمتلي صفحاته عن سرقة الثورات العربية حينما تعتلي على سرجها المجتمعات السياسية ونخبها الفاشلة تلك القادمة من وراء البحار وليس السودان استثناء منها.
بعد عام من الثورة يبحث الناس في كتاب الثورة عن آمالهم وأحلامهم وتطلعاتهم فلا يكاد يلمحون بين صفحاته سوى صور الشهداء ممن ارتقت روحهم لرب لا يظلم عنده أحد.
إختزل دسيس مان في غيابه كل شعور الناس بالإحباط..صفوف الوقود والخبز..ارتفاع نسب العطالة..صراع الهامش والمركز..تسابق النخب على كرسي القيادة..ركود الإقتصاد الذي يريق ماء الوجه..بلادنا ودمها يتفرق بين الشرق والغرب تتسول دعما اعطوها أو منعوها..السلام وما يزال عصيا..شروخات المجتمع آخذة في الاتساع.
هكذا أذن تبدو الصورة في غياب دسيس مان..وهكذا تتبدى الثورة في عامها الأول وهى تزحف زحفا وتكبس عليها الأيام كبسا بعد الصبة أم الصبة.