د. عمر كابو يكتب: الإساءة دليل الكفاءة !!

درس جديد في معنى الفوضى التي هي السمة المميزة والصفة البارزة لحكومة حمدوك وأهم ما يميز هذه الفترة الانتقالية بما يشبه العنوان العريض لها هو أننا بتنا يوميًّا نسمع بتهديد ووعيد من مسؤول يريد أن يثبت وجوده ويعلن أنه كفء لشغل ذلك المنصب وجدير به فقد افترعت حكومة حمدوك تعريفًا جديدًا للكفاية والاقتدار ومعياراً لهما؛ فإذا ما أردت مثلاً أن تعلن عن تميزك عندها فما عليك إلا أن تشتم وتسيء حينها تصبح نجمًا بارزًا أما إذا أردت التفرد فما عليك سوى أن تدير مؤشر التهديد والوعيد والتنمر بالطبع مع الإساءة والشتم و السباب

حينها تستحق نوط الجدارة وربما وسام ابن البلد الأصيل من الطبقة الأولى.
فالناشط السياسي الرشيد سعيد بذات الطريقة الفجة دشن تجربته وكيلًا لوزارة الإعلام والثقافة بالإساءة والتهديد والوعيد للصحافة والصحفيين حين ظن نفسه بحق أنه سيد قومه إعلامياً فراح يهدد ويتوعد الصحافة بأنه حان قطافها وإنه لصاحبها ؛حجاج زمانه هذا فات عليه أن أقل الصحفيين خبرة يفوقه معرفة ودراية وحنكة وأنه لولا حكومة الغفلة هذه لما استحق ان يكون مديراً في إدارة تدير الإعلام والثقافة في بلد عظيم كالسودان ناهيك عن أن يكون وكيلاً عليها.

ونفس الشيء ينطبق على ماهر أبي الجوخ الذي تخرج من الجامعة قبل ست سنوات وجد نفسه وحيد زمانه والحاكم بأمره في ضيعته تلفزيون السودان وفي زمان الأذى والقذى مديراً لأهم إدارة في تلفزيون السودان فقرر أن يركب نفس الموجة في أن أوسع كفاءات التلفزيون ممن سبقوه خبرة ودراية وعلماً فيه إساءة وانتقاصًا وتجريحاً وسخرية وحتى حين أراد الاعتذار لم يفتح الله عليه إلا بذات لغة التجريح والسخرية (دبايب وثعابين وكده).
لكن ما لم يرد في حسباننا وحسبان أهل القانون أن تمتد تلك الثقافة إلى أهل العدل حين أصبحت لغة النذير والوعيد لغة ثابتة في تصريحات تاج السر الحبر النائب العام والذي تحول فجأة من رجل يفترض فيه بسط سلطان العدل على كل أهل السودان لرجل تخشى من طريقته هذه كثير من التيارات وبخاصة الإسلاميين الذين أصبحوا لا يثقون في عدله، فقد أضحت تصريحاته في مواجهة خصومه الإسلاميين السابقين أكثر من المعتاد بل مثار قلق وتندر في أوساط أكثر القانونيين والإسلاميين منهم على وجه الخصوص؛ فقد شهدت أكثر من مجلس أعلن فيه القانونيون أسفهم بل تبرمهم بل غضبهم لما وصلت إليه حال زميلهم الذي كان مثالًا للعدل والالتزام فأضحى نموذجًا للسخرية في التعريض بالقانون يكفي أنه في زمانه اكتظت المعتقلات بالسياسين لتسعة أشهر دون توجيه تهمة أو مسوغ قانوني واضح وإن وجدت تلك التهمة لم يفلح حتى الآن في تقديم أي منهم لمحاكمة عادلة عبر تحويل البلاغ للمحاكم المختصة فبحق أصبح الرجل وهو زميل لنا مثيرًا للشفقة والسخرية والازدراء؛ فقد نسي أن هذه الفترة مهما طال أمدها فما هي إلا فترة انتقالية لا تستحق أن يفقد الرجل لأجلها سمعته واحترامه، لكن أخشى ما أخشاه أن يكون أكثر ما نسيه الرجل أن هنالك من بين رجاله من القانونيين الذين نشهد لهم بالورع والحياد والنزاهة والاستقلال التام؛ فكان أجدر به أن يتذكر أن هؤلاء لن يحترموا طريقته هذه؛ فشرف الزمالة يا سادة يملي علينا أن نبذل له النصيحة وهأنذا للمرة الرابعة أفعلها.

أما نصيحتي الأخيرة لكل أعضاء حكومة حمدوك الآخرين من أراد أن ترضى عنه (قحط) فما عليه سوى الإساءة والتهديد والوعيد، لكن أهم من ذلك أن يدعس بقدميه على دولة القانون ويدوس كل قيمة نبيلة وخلق محمود.

زر الذهاب إلى الأعلى