اصبحوا على وطن

بقلم / عادل عسوم

وتبقى كل الصباحات مدخورة للوطن…

جرّة عنقريب الى ضلّ الضحى…

سبيل على أطراف شارع العربات يغشاهو الغادي والرائح…

تياب بيض يلبسنها موظفات ومعلمات يسرن زرافات ووحدانا ك(الوزازين)…

تربال تحدّر العرق من محيّاه كالجُمان وهو يضرب الأرض ليودعها البذور يقينا في خضرة ونماء…

صينية حِنّة في يدِ الخالة أو العَمّة تسبقها الحبوبة إلى حيث يجلس العريس…

زغرودة (قاجة) تنطلق مبشرة بفرح غامر لايستثني أحدا من الجموع…

سبيطة قفاز تُلقى بعيدا فلا يقربها اللقاطين استصحابا لبروتوكولات غير مكتوبة ولا موقعة…

صغار يتحلقون حول صبّابة العيش في طاحونة فرحين بشيب يرسمه على شعورهم السوداء ماتناثر من دقيق…

رقشة يقودها صبي تمشي الهوينا في أمان لتوصلك إلى وجهتك…

أطفالٌ يلعبون الكرة لتعلو حائط بيت مجاور، فيجري أحدهم وإذا بالباب مشرع يلج منه دونما استئذان، ثم يخرج بالكرة وفي يديه تمرات وهبتها اياه ست البيت ليوزعها على رفاقه…

إنّهُ الوطن ياأحباب…

حَرِيٌّ بنا أن نحمد الله -ونحن في حضنه- وقد صَحّت الأبدان منا ومن حولنا كل احبابنا بخير…

حري بنا أن نشكر الله على حُسنِ حالٍ لا يُلجئنا إلى سؤال مخلوق سواه…

كم ننسى ياأحباب شكر المنعم الوهاب ونحن نتفيّأ ظلال كل ذاك!

فللننظر حولنا ونتبين حال غيرنا من الدول والأوطان وقد أبتُلي الناس فيها بما يقعدهم -حتى- عن حراك قضاء الحاجة…

والبعض قد انتاشته وعياله الفاقة في منافي التشرد واللجوء، فيمد اليد صاغرا بعد أن كان عزيزا في قومه!…

اللهم حمدا وشكرا بعدد خلقك وزنة عرشك ورضا نفسك ومداد كلماتك يارحمن يارحيم…

لقد تقارب أطراف المكان والزمان فأصبحنا نرى كل صباح مايستجد في أقاصي الأرض ونحن نرتشف كوبا من قهوة الصباح!…

أقسم لي أحد الأخوة الصوماليين بأنهم كانوا قبل سنوات ليست بالبعيدة يتعففون عن أكل حوايا الذبائح (أي الكمونية)!

وقال لي أخ عراقي بأنه وأقرانه لم يعهدوا أحدا بينهم يعيد لبس قميصه ليومين متتاليين!

أنظروا الى ماذا آل حال هؤلاء وأولئك ياأحباب؟!

وحدث اليمن…

وحدث عن ليبيا التي مافتئت تلملم جراحها بتثاقل…

يابني وطني:

لنتراضى على ما اتفقنا عليه ،وليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، ولنبتسم صدقة في وجوه بعضنا وان اختلفت الأفكار والرؤى…

ولايجرمنا شنآن بعضنا بأن لانحتمل بعضنا بعضا طالما قال ربنا في شأن أهل الجنة:

{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} الحجر 47.

فليت الذي في قلبه مأخذ على سواه يحتمله وان وصل حد الغل…

قبل سنوات:

كنت أراجع خريطة لمنزلي قبل ارسالها الى السودان ،فمرّ عليّ في مكتبي أحد الأخوة الفلسطينيين من زملاء العمل وراجعني في بعض التفاصيل الهندسية ثم ذهب إلى مكتبه ،فلحقت به للاستفسار عن تعديل هندسي، فإذا بدمعة حرى تغرورق بها عيناه!

سألته، فقال:

– ياأخي، من لديه وطن عليه أن يصلي لله ليل نهار ،ولا أحسبه -من بعد ذلك -يوفي الله شكر نعمة الوطن!.

يا أحبابي:

لنصبح بحول الله على وطن.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى