عثمان ميرغني يكتب: مسار الخليلة!!
طالما أن الوطن تحول إلى “مسارات” كل يلزم مساره، فإنني أصالة عن نفسي ونيابة عن أهلي في قرية “الخليلة” أطالب بمفاوضات خاصة سنطلق عليها “مسار الخليلة”..
لن نطالب بالعلمانية ولا فصل السين عن الجيم ولا حتى دمج قواتنا في الجيش لأنه من الأصل ليس لدينا قوات.. كل الذي سنطالب به هو ثمن السلام.. ثلاث وزارات إن كانت من وزن وزارة الرعاية الاجتماعية.. وبالعدم إن لم تتوفر لنا الوزارات الثلاث فوزارة الخارجية وحدها تكفي، فهذه الوزارة فيها خاصية عجيبة إنها ليست مسؤولة عن شيء داخل السودان!! وزيرها لا علاقة له بمشكلة المواصلات ولا النفايات ولا رفع الدعم ولا انهيار الجنيه، وزيرها فقط يعاني من رهق التسفار. هل تذكرون وزير الخارجية في عهد المخلوع الذي سافر إلى المكسيك لتهنئة الرئيس المكسيكي بمناسبة إعادة انتخابه.. وبالكاد استطاع أن يأخذ صورة “سيلفي” مع الرئيس خلال مأدبة ضخمة فيها مئات المدعوين.. أم هل تذكرون وزير خارجيتنا الذي سافر مع نائب رئيس الجمهورية – شخصياً- لحضور مؤتمر دولي مهم في عاصمة دولة أفريقية، وعند وصولهم لم يجدوا أحداً في استقبالهم ثم علموا أن المؤتمر تأجل وتغيَّر مكانه إلى دولة أخرى.
لن نطالب بمفاوضات في عاصمة أوروبية ولا حتى أفريقية، فالأمر كله ممكن أن يكتمل بمفاوضات عبر “الواتساب”.. فقط تحدد لنا الوزارات وتاريخ استلامها، فنوقع فوراً على اتفاق “مسار الخليلة” ونلتقط الصور ونحتفل مع الحكومة بالإنجاز.. قصرنا معاكم؟.
بصراحة؛ ما رأيت اجتماعات عبثية كالتي تجري الآن في حلبة فورميلا المسارات في “جوبا” عاصمة شقيقتنا جمهورية جنوب السودان.. كل هذه التراجيديا ستنتهي إلى محاصصة مهما أنكرها أصحابها واخترعوا لها من المسميات والعناوين.. وقد كتبت هنا مراراً واقترحت أن تكون هناك محاصصة “مصالح” لا “مناصب”.. لا بأس فلتكن مسارات إقليم إقليم، بل مدينة مدينة أو حتى قرية قرية.. لكن محاصصة مصالح وتنمية لا مناصب وكراسي..
كتبت هنا واقترحت أن يأتي مسار دارفور ويطالب بخطوط سكك حديدية تربط عواصم ولايته مع العاصمة والميناء، وطرق مسفلتة ومطارات دولية.. وإنارة كل قرى دارفور بالطاقة الشمسية وتطوير البنيات الصحية والتعليم ونظم البيئة بما فيها الصرف الصحي في كل مدن وقرى دارفور..
وتطالب جنوب كردفان والنيل الأزرق بمثل ذلك أو أكثر.. ويصبح السلام محاصصة مصالح تحقق رفاهية المواطن لا مناصب تحقق رفاهية القيادات وأسرهم..
السلام ليس وقف الحرب وأزيز الرصاص فحسب، السلام هو أن يستيقظ المواطن في أصغر قرية ليرى أولاده يذهبون إلى المدرسة ويعودون، ويذهب هو إلى مزرعته أو أياً كان موقع عمله .. وفي المساء يجلس مع أسرته ليشاهد برامج الفضائيات.. السلام هو الحياة العادية كما نراها هنا في أي بيت بالعاصمة..
هل هذا كثير علينا؟ هل يحتاج ذلك لقسمة وزارات وسفارات وبرلمانات ؟
عن التيار