آراء

هل حرك إبليس وتد الاستقالة؟

بقلم: د. علي الشايب ابودقن

ليتك قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

تقول القصة إن أحد الشياطين من أبناء إبليس رأى أنه قد استقام عوده وبلغ رُشده فلابد من أن ينفصل عن طوق والده ويعمل بمفرده.

فقرر الذهاب لأبيه ليقنعه حتى ينال حُريته كي يعمل منفرداً دون وصاية أو إمرة منه فى ميدان الشر إغواءاً للبشر.

لكن والده كان يرى فى قرارة نفسه بأن إبنه الشيطان الصغير مازال حُصرماً (الحُصرم أعلى النبات الذي لم يستوي وينضج) ويحتاج للدربة ومزيد من الخبرة.

ولكن الشيطان الصغير أصر على طلبه فما كان إبليس الآب إلا أن يضع إبنه في موضع اختبار لمعرفة قدراته لتنفيذ منهج أبيه وأجدادهُ في إغواء البشر ودفعهم للشرور والآثام فى قتل النفس من أجل الشهوة والسلطة وأكل أموال الناس بالباطل وهلمحرا.

ومن ثم يقرر في طلبه لاحقاً.. فأمره أن يذهب إلى القرية التى تقع أسفل الجبل ليريه من سوءاته شيئا. 

ذهب الشيطان الصغير إلى القرية الوادعة التي يعيش أهلها في تآخي وسلام فرأى حماراً مربوطاً على وتد وبجواره إمرأة تغسل ملابسها وقد وضعت قدراً مملوء بالماء على نار.

فحرك الشيطان الصغير الوتد فجفل الحمار ورمى قدر الماء الساخن فإنسكب على طفل المرأة الراقد بحوارها فمات.

فصرخت المرأة وقام زوجها مذعوراً حين صراخها فأخبرته بفعل الحمار فضربها لإهمالها فإزداد صراخها.

وحين حضر أهلها ضربوا زوجها حتى فارق الحياة وحين رأى أهل الزوج إبنهم ميتاً على قارعة الطريق اشتبكوا مع أهل الزوجة وتقاتل الفريقان.

ولم ينجلي الصبح إلا وكانت القرية هباءاً منثورا بفعل الحريق والجثث الملقاة على قارعة الطريق.

رجع الشيطان لأبيه إبليس فسأله عما فعل فقال لقد دمرت القرية وأهلها تدميرا فتعجب والده وقال له كيف فعلت ذلك؟.

فقال قولا خلده التاريخ (فقط حركت الوتد وفى رواية أخرى الحبل).

فتعجب إبليس من قدرات إبنه ولم يكن له من خيار سوي السماح له بالعمل منفرداً .

الفريق أول ياسر العطا كنت رئيساً للجنة إزالة التمكين والتي أصدرت العديد من قراراتها ممهورة بتوقيعك.

وأنت الضابط العظيم وعضو مجلس السيادة وكان البشر والسرور على محيا وجدى وزمرته وأنت تقف بجانبهم حين تلاوة هذه القرارات.

والتى أدت إلى خراب بيوت وموت آخرين من الحسرة والندامة في سابقة لم تحدث إلا في محاكم التفتيش أبان الثورة الفرنسية.

وكانت فاسدة كما قال عجوبة وهو أحد أعضاءها وصحى الشعب يوماً على أخبار استقالتك وأيقن بأن خللاً ما باللجنة لا يرضيك.

وأردفت بعدها أن هذه اللجنة تتشفى وتنتقم أو كما قلت وهذا أيضاً فساد.

وبعد الاستقالة تم ربط علاقتك بلجنة إزالة التمكين بحبلٍ متين على وتدٍ وكاد الشعب أن ينسى هذه العلاقة.

وإنصب جام غضبهَم تجاه وجدى وزمرته ولكن ثاني العيد وفيه تُطلق الشياطين من أصفادها بثت قناة سودانية ٢٤ مقابلة لك.

يبدو فيها أن أحد أحفاد الشيطان الصغير قد تغلغل حين الحوار وهز الوتد (وليتك قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) أو سكت.

رجل السياسة يقدر الكلام ويوزنه بميزان من الذهب ويقرأ إرتداته قبل لفظه.

فانسكب الماء الساخن على الشعب السوداني عامة والذين تضرروا من اللجنة بصفة خاصة وقلبت عليهم ظهر المواجع ومسحت عيدهم.

فإنسالت دموع الثكالى على المآقي وبح صوت اليتامى وهم يتذكرون آباؤهم الذين قضوا نحبهم بفعل هذا اللجنة.

وآخرون قابعون فى السجون منتظرين وما بدلوا تبديلا .

حرك حفيد الشيطان وتد الاستقالة فإنساب الكلام تعريضا ومشككاً الشعب في قرارات لجنة المراجعة القانونية التى كونها رئيس مجلس السيادة البرهان.

وكذا النيابة العامة التي دونت البلاغات في مواجهة وجدى وزمرته وأطلقت سراح معظمهم بكفالة مالية مما يؤكد وجود بينة مبدئية.

وليت الوتد الذي حركه الشيطان الشبل وقف عند هذا الحد وإنما ساق الحوار وما أحلى الكلام الى القول (لو حُوكـموا يطلعوا براءة) أو كما قال.

وليتك قلت حينها (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) لما إنسكب الماء الساخن.

ولكن تحريك الوتد من قبل الشيطان الصغير سكب الماء الساخن ليس على الشعب فقط وإنما على منظومة العدالة.

وقال الشيطان (إنى بريء منك إنى أخاف الله رب العالمين).. لو حُوكموا تحمل معاني ودلالات بعدم المحاكمة أما براءة! فليته قال احتمال!!. 

تحريك الوتد لم يترك لمنظومة العدالة ولجنة المراجعة القانونية ومن قبلهم وزراء المالية السابقون والحالي إلا البيان والتبيان لكي يستبين الشعب قبل ضحى الغد من هم أنزه أفراده. 

والله المستعان .

* محامى وأستاذ مساعد للقانون الدولي العام والدستورى

زر الذهاب إلى الأعلى