آراء

الرئيس البرهان.. كُن أبيُّ النفس سمح الخَصال

بقلم: الدكتور على الشايب ابودقن

فالقوم هم القوم يا برهان

أنشد خالد بن يحى البرمكى مخاطباً الخليفة العباسى هارون الرشيد

قُل للخليفة ذى الصنيعة والعطايا الفاشية
وإبن الخلائق من قُريش والملوك العالية
إن البرامكة الذين رموا لديك بداهِيةً

صُفُر الوجوه عليهم خِلعَ المذلة بادية

والبرامكة الوارد ذكرهم فى متن البيت الشعرى كانوا من المقربين من الخليفة العباسى وخُلصائه فأوشىَ المشاؤون بالنميمة للخليفة مما أوغل صدره فنكَلَ بهم بين قتيلٍ وسجينً وطريد فما كان من يحى إلا أن يخاطب الخليفة هارون الرشيد لكى يكظَم غيظهُ ويعفوا عنهم. 

وقد أوردنا أبياتاً من الشِعر فى الإستهلالية لما بين الشِعر وعسكر السودان من خيطٍ موصول وفضلاً عن ذلك أن الشاعر الذى يصيغ المواقف شِعراً يعمل على مخاطبة الدواخِل وتهذيب الوجدان وإثارة العواطف وشحذ الهِمم وتشنيف الآذان.

ويسرى هذا على الجندي الذي يقاتل من أجل القيم القابعة في دواخل الشعب ومن أجل الحِفاط على الوجدان السليم وعدم خلخلة الهِمم.

لذا خرج من بين العسكر شعراء أفذاذ على سبيل المثال لا الحصر الشاعر الصاغ محمود أبوبكر الذى ألف قصيدة صه يا كنار وضع يمينك فى يدى
ودع المزاح لذى الطلاقة والددي
صه غير مأمورٍ وهاتِ مدامعاً كالأرجوانة وأبك غير مصفدِ.
أنا لا أهابُ من المنون وريبه ما دام عزمي يا كنارُ مهند
سأذود عن وطنى وأهلك دونه فى الهالكين ويا ملائكة فأشهدى .

وهنالك عبدالمنعم عبدالحي الذي شكل ثنائية مع برعى محمد دفع وتغنى له أكثر من خمسة عشر فناناً على رأسهم الكاشف وأبوداؤد وسيد خليفة والشفيع وحمد الريح والذى قال فى قصيدة أم درمان والتى غناها الاخير

نار البُعدِ والغُربة
شوق لأهلي والصحبة
لا ننسى العميد الطاهر إبراهيم الذي غنى له الفنان الذرى إبراهيم عوض وهنالك عمر الشاعر وثنائيته مع زيدان

أخونك.. هل تصدق أخونك
ما أظن تصدق أخونك
لوشافت عيونك
أيه حاصل بدونك
الدنيا بقت عدم
والفرح من غير طعم

وعلى ذكر الشعراء القادمين من عُمق القوات المسلحة الشاعر الضخم إبن أمدرمان وتقلى العباسية اللواء عوض احمد خليفة الذى عطر سماء الأغنية السودانية من الغناء العاطفى والوطنى والشعراء العساكر عندما يغنون للحبيبة فإنهم يرمزون للوطن.

عوض أحمد خليفة الذي تربطه بالرئيس الراحل جعفر نميري علاقة صداقة وقيل بأنه أول دفعتهم فى الكلية الحربية له قصيدة شهيرة تغنى بها المطرب الكبير عثمان حسين
عُشرة الأيام ما بصح تنساها
قيل بأن هذه القصيدة قالها لأن النميرى أحاله للمعاش بناءاً على وشاية فلما سمع النميرى الأغنية وكان مهتماً بالفنون سأل عن شاعر هذه الأغنية قيل له إنها لصديقك عوض احمد خليفة فأعاده فوراً للخدمة. 

الرئيس البرهان هناك نفر كريم من أبناء القوات المسلحة فى السجون منهم الفريق أول هاشم عبدالمطلب واللواء بحر احمد بحر واللواء عبدالعظيم على الأمين واللواء أحمد الهادي.

فهؤلاء رفاقَك في السلاح والفيالق والبنادق حين ادلهمت الخطوب لم يستكينوا تحت ضربات رصاص القوم فالقوم هم القوم يا برهان وقد استدار الزمان وقد غيروا وسائلهم حين ساقتهم أقدار الله إلى كرسى السلطان وصولجانه فى بداية التغيير.

فعملوا على تفكيك القوات المسلحة وهو هدفهم الأسمى فحاولوا اختلاق الفتن بينكم ما ظهر منها وما بطن وكنتم حينها تحسبونهم حواضن سياسية ويحسبونكم فى تيهٍ وغفلة وذاك شعارهم (المغفل النافع). 

الرئيس البرهان دع العدالة تمضى فإن العدل من أسماء الله فمن كانت له جريرة فإن العدالة الناجزة لدى كافة درجات القاضي أسمى وأنفع فمن لم يحاكم فليحاكم ومن تحاكم وله إستئناف فإن العدالة تقتضى البت فى إستئنافه .

السيد البرهان لقد ولاك الله سبحانه وتعالى أمر الشعب فأنت مسؤولاً عنهم يوم لا ينفع مالٌ ولا بنين ولا حاضنة سياسية ولا دولاً تنصح وأخرى تتدخل فى الشأن وتملى إرادتها تحت مظلة الدعم.

. سعادة الفريق أول البرهان وبصفتك رئيس مجلس السيادة كن سمح الخصال متسامح جميل المخبر .. أعف عن هؤلاء ألم تقر (فمن عفى وأصلح فأجره على الله)
(والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين )

الرئيس البرهان إن تكُن محسناً يحبك الله خيرٌ لك من الدنيا وما فيها فالعمر قصير وإن طال .
لا تركن للمشاؤون بلحن القول فكلٌ يلحن لليلاهُ وبعضُِ ليلاهم تفكيك القوات المسلحة وغداً لناظره قريب..
ألا هل بلغت أللهم فأشهد. 

*محامى وأستاذ مساعد للقانون الدولي العام والدستورى

زر الذهاب إلى الأعلى