المحرر السياسي يكتب: السودان وعودة التأميم

خاص:(متاريس)
أعادت قرارات لجنة تفكيك النظام السابق وإزالة التمكين إلي الأذهان ذكريات حزينة شهدتها الصحافة السودانية في 1970 عندما أصدر النظام المايوي قرارات قضت بتاميم الصحف وتبعيتها للدولة.
بعد ساعات من ظهور عضو مجلس السيادة محمد الفكي على شاشات التلفزة في مؤتمر صحفي يعلن عن ما توصلت إليه لجنة تفكيك النظام السابق، انطلقت حاملات الجنود لتحيط مقارا لصحف وقنوات فضائية سودانية ويطلب العسكر من موظفيها اخلاءها ايذانا بتأميمها لصالح الدولة وهى أسواء لحظات التغيير المنشود بعد الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.. مشهد لم يكن اسوأ المتشائمين بالعهد الجديد يتوقع حدوثه.
في سبتمبر 2019 وقف رئيس الوزراء عبدالله حمدوك أمام الإعلاميين الأمريكيين يبشرهم بعهد جديد للصحافة السودانية قائلا “لن يتعرض صحفي سوداني في السودان الجديد للقمع أو السجن” يقول حمدوك، بعدها بشهرين تغلق ذات حكومته كل من “المركز السوداني للخدمات الصحفية وروان ومدارات ومركز الخرطوم للاعلام الالكتروني”.
حملة حمدوك على الإعلام والصحافة لم تتوقف على تلك المراكز الإعلامية التي تقول الحكومة إنها تابعة للمخابرات فسرعان ما يحل ضيوف على إتحاد عام الصحفيين السودانيين بالمقرن مطالبا بتسليم مفاتيح الدار وأصوله إلي الدولة..
ذات الدولة التي تتجه لقطع شارة قناة طيبة من فضاءات الإعلام غير مكتفية بذلك فتنفذ عملية إنزال لجنود مدججين باسلحتهم فيحطون رحالهم على عتبات السوداني والرأي العام والشروق فيبلغ عدد من سيخبو صوتهم وتكسر اقلامهم المحرومين من وظائفهم وأداء مهامهم حوالي 2063 صحفيا وإعلاميا في ليلة تمر ثقيلة على عالم الصحافة ليس في السودان وحسب.
هكذا إذن تمر الذكري الأولي لثورة السلام والحرية والعدالة التي سكب الشهداء فيها دمائهم.. فكيف ستكون في مقبل أيامها؟ يتساءل السودانيون، وكيف ستبدو صورة الثورة لدى العالم الحر الذي احتفى بها؟ يتساءل المراقبون.. وهل تؤدي السيطرة على وسائل الإعلام إلى كبح جماح الأزمات المتطاولة على الشارع في الخبز والوقود والغاز والمواصلات وغلاء المعيشة؟ يتساءل الناس.