تطمينات المنحازين

بقلم/ إبراهيم عثمان

اتفاق يحرسه التوافق

▪️ رغم أن بيان الثلاثية قد امتلأ بالإشارات الإيجابية من شاكلة (التوافق، عدم الاحتكار، عدم الفرض، الكفاءة لا الانتماءات الحزبية أو المحاصصات .. إلخ).

لكن تبقى هناك ملاحظات كثيرة تجعل البيان مجرد محاولة لوضع القوى السياسية أمام الأمر الواقع.

فهذه الإشارات الإيجابية تبقى مجرد مناشدات وتمنيات من الثلاثية سبقتها كلمات (يتعين، ينبغي، يجب، لابد، من الخطأ، تدعو الآلية .. إلخ).

وتبدو مجرد مواءمات لفظية بين موقف فولكر المنحاز لقحت المركزي، وموقف الاتحاد الإفريقي.

ولا وجود فعلي لها لا في الوثيقة المقترحة، ولا في مواقف قحت المركزي.. 

▪️ يقول البيان (من الخطأ أنّ يعتقد أي طرف أنّ بإمكانه فرض رؤيته لتوجيه مسار المرحلة الانتقالية أو احتكار السلطة خلال هذا الإطار الزمني المؤقت).

بينما (الفرض) قد حدث فعلاً وأسهمت فيه الآلية الثلاثية حين عطلت حوار المائدة المستديرة في السلام روتانا لمصلحة الحوار الثنائي بين قحت المركزي والعسكريين.

وما يصفه البيان بـ(التفاهمات الأساسية) أعطى عملياً أحد الأطراف حق (توجيه مسار الفترة الانتقالية) .

▪️كانت قحت المركزي قد تحدثت عما أسمته “هندسة العملية السياسية” التي تعطيها الحق في أن تحدد لكل القوى السياسية أدوارها والمراحل التي يحق لها المشاركة فيها.

وقد ضمَّنت هذه الهندسة داخل الوثيقة الدستورية المقترحة، وداخل رؤيتها (حول أسس ومبادئ الحل السياسي).

وقد استطاعت – بمساعدة الوسطاء – تنفيذ الجزء الأول منها بانفرادها بالمرحلة الأولى والأهم من التفاوض . والبيان افترض أن بقية القوى السياسية ستقبل بالأمر الواقع .

▪️يقول البيان (لا تخرج الحكومة عن نطاق ما هو مقبول من جميع الأطراف)، بينما الحوار نفسه قد خرج عن نطاق المقبول من جميع الأطراف.

ولا يُتوقَّع أن تكون قحت المركزي، وهي في السلطة، أقل إقصائيةً من حالها الآن..

▪️ جاء في البيان (يتعيّن على “المدنيين” عدم رفض البنود التي يطالب بها المكون العسكري بالنسبة للمرحلة الانتقالية طالما كانت تلك المطالب معقولة ومواتية لاستقرار الانتقال).

وتغافل عن الإجابة على سؤال : ماذا عن تعديلات الأطراف “ذات المصلحة” الأخرى، إذا قبلت بالوثيقة كأساس للحوار.

ألا تستحق مناشدة من الثلاثية (للمدنيين) بالاستجابة لها؟ وماذا عن ملاحظاتهم على تعديلات العسكريين إن لم توافق رؤيتهم للحل؟. 

▪️ جاء فيه أيضاً: (أي اتفاق يتم التوصل إليه لن يكون بين الأطراف المتوافقة بالفعل، بل سيكون بين غير المتفقين. هذا هو الأساس الذي تُبنى عليه العملية السياسية، لرأب الصدع بين الأطراف المتعارضة).

إذا كان المقصود بهذه الفقرة الدفاع عما تم من حوار ثنائي بين العسكريين وقحت المركزي، فهو دفاع خاطئ.

فليس العساكر وحدهم من اختلفوا مع قحت المركزي، بل إن خلافات الأطراف الأخرى معها أعمق من خلافات العساكر.

وهناك خلافات بينهم وبين العساكر فيما يخص مواقفهم (العملية) من الحوار.

وهذه الخلافات مجتمعة كان يصلح لها حوار المائدة المستديرة، إن كانت الآلية الثلاثية تريد اتفاقاً يحرسه التوافق .

زر الذهاب إلى الأعلى