آراء

ما لم يقله البشير

بقلم/ إبراهيم عثمان

مقارنة منصفة

دافع البشير عن نفسه كما يدافع الرجال، لم يكن متملقاً ولا ممثلاً ولا محتالاً، ولم يأتِ على ذكر من طعنوه في الظهر.

وبدا واضحاً أنه لا يريد الخوض فيما جرى بعد الانقلاب على الإنقاذ . وكان هناك الذي يمكنه قوله.

لولا أنه لم ينشغل بتصفية الحسابات مع من أدخلوه السجن، وتخلى عن حقه في معاملتهم بالمثل. 

▪️ لولا أنه قصد النأي بنفسه عن الخوض في أوضاع السودان بعد الانقلاب على الإنقاذ، لكان بإمكانه أن يقول :

لولا أن التدخل الأجنبي الآن أكثر عمقاً ولئامةً، والعلمانية أكثر جرأةً وخبثاً، والوضع الأمني والوضع المعيشي أسوأ حالاً.

ولولا أن الانتقالية الآن أكثر تغولاً على الصلاحيات، وتفتقد سوار الذهب، وعدَّادها يُصفَّر باستمرار.

لولا أن الحال في كل المجالات أسوأ بكثير مما كان عليه قبل الإنقاذ، لما احتجت إلى التوسع في توصيف الحال الذي دعانا للتغيير.

ولاكتفيت بالقول (كانت الأحوال تشبه إلى حد كبير واقعنا الحالي ) .. وكان المعنى سيصل كاملاً. 

▪️ كان بإمكانه أن يتحدث، ولو في جمل قليلة، عما كان يعرفه من كواليس ١١ ابريل، وما عرفه لاحقاً، مما يجعله انقلاباً كامل الدسم.

لا تسري عليه مادة التقادم، وتجعل محاكمته وبراءة انقلابيي ١١ ابريل ضرباً من عدالة “المنتصرين” غير العمياء. 

▪️ ولولا أنه يترفّع عن مثل هذه المقارنات، لما عدم حيلةً يستخدمها للمقارنة بين موقفه من إخوانه وموقف أحد قادة انقلاب ١١ ابريل، الذي نسب الانقلاب لنفسه وحده.

لكن ليس للدفاع عن زملائه في اللجنة الأمنية، وإنما لإدانتهم بأنهم جميعاً (كانوا يخططون لفض الاعتصام).

▪️ ولو كان سجانوه العسكريون – الحاكمون الآن، والمبعدون، والمنفيون – قدوةً له، أو أراد أن يستعمل حق التعامل بالمثل.

ويجازيهم توريطاً بتوريط.. لما عدم ما يقوله بشأن الأدوار المهمة ( لبعضهم ) في انقلاب/ثورة الإنقاذ. 

▪️ ولولا أنه يأبى لنفسه النزول إلى الوحل، والرد على التفاهات، لما عدم ما يقوله دفاعاً عن نفسه.

أو في حق من أراد شيطنته وافترى عليه، وكان كذبه ركيكاً ضعيفاً مستنداً على (نوايا) زعم أن البشير حدثه عنها.

وكانت بخصوص أمرين انتقلا بعد انقلاب اللجنة الأمنية من النية المزعومة إلى العمل (التطبيع والفض “العنيف” للاعتصام). 

▪️ ولما عدم ما يقوله عن تعامل ثلة من الرجال معه أيام رئاسته، وتملقهم له، ويقارن بينه وتنافسهم الآن.

في تملق شباب “الثورة” وفولكر و”المجتمع الدولي”، وتنافسهم في الفخر بمحاولات إذلاله وإذلال أسرته، وهيهات منهم الذلة. 

▪️ ولولا ثقة سجانيه (من مرؤسيه السابقين) الكاملة في أخلاقه وقيمه التي تجنبه الافتراء والمعارك القذرة.

والسعي لتوريط من خدعوه وغدروا به وشيطنوه، لما فكَّروا مجرد تفكير في التعاون مع المحكمة الجنائية لتسليمه.

أو تشكيل محكمة هجين، فقد كانوا رجاله في دارفور، ومسارح عمليات أخرى، ويعلمون علم اليقين أنه لم يأمرهم بإبادة.

وأن الجيش خاض معارك مفروضة عليه وخاضها بقواعد اشتباك واضحة وصحيحة.

ويعلمون أن البشير لا يمكن أبداً أن يستخدم تكتيكاً دفاعياً يقوم على توريطهم وتبرئة نفسه. 

لم يقل البشير كل هذا، وغيره كثير، وكان يدافع عن نفسه كما يكون دفاع الرجال الشجعان الذين يترفعون عن استخدام حق التعامل بالمثل عزةً وشموخاً وأصالة معدن، لكن ما لم يقله سيبقى هو الأقرب إلى أذهان كل من يجرون مقارنة منصفة.

زر الذهاب إلى الأعلى