تقارير

تصاعد نذر المواجهة الدينية في السودان

الخرطوم: تقرير خاص (متاريس)

مخاوف عديدة تعتري المراقبين للشأن السوداني لتفجر الأوضاع في هذا البلد الذي يشهد حالة من الإستقطاب السياسي الحاد تتعالى فيها لغة الكراهية والإنتقام، وتدور هذه الأيام نذر مواجهة دينية  بين فرقاء السياسة المنضوية تحت وثيقة تجمع الحرية والتغيير وتلك المعارضة لها.

حيث إنتقد عدد من من رجال الدين المعروفين تصريحات وزيري العدل والأوقاف والخاصة بمراجعة قوانين جنائية ترتبط بالتشريعات الإسلامية فيما عرف بحديث (المريسة ) الذي قال فيه وزيرالعدل أنها تشكل ثقافة المجتمع السوداني الأمر الذي إنتقده خطباء المنابر الدينية معددين الآيات القرآنية التي نصت على حرمة ذلك، معتبرين أن ذلك يعد مؤشرا على إتجاه الحكومة الإنتقالية لسن تشريعات تنتهي بعلمانية الدولة، كما تجددت المخاوف من تفسيرات الدولة المدنية التي نصت عليها وثيقة الحرية والتغيير.

وبلغت حالة الإستقطاب الديني أشدها في الصراع الدائر حاليا بين وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي والداعية الإسلامي المعروف عبد الحي يوسف على خلفية حفل إفتتاح دوري كرة القدم النسوية في السودان والذي كان تحت رعاية الوزيرة، حيث شن عبد الحي يوسف هجوما عنيفا على الوزيرة ذات الخلفيات المرتبطة بالفكر الجمهوري، الأمر الذي قابلته البوشي بتحريك إجراءات قانونية اتهمت فيها الداعية بتكفيرها وإتباعها منهجا مرتدا عن الدين الإسلامي، كما أعلن مجلس الوزراء تضامنه معها في خطوة تصعيدية، وهو مادفع يوسف بدوره لتقديم طلب لدى المحكمة الدستورية برفع الحصانة عن الوزيرة بداعي رغبته في تحريك إجراءات قانونية ضدها على خلفية إتهاماتها له بالإنتماء لتنظيم داعش التكفيري ومولاته لأسامة بن لادن وذلك على صفحتها على الفيس بوك والتي اغلقتها الوزيرة مؤخرا.

الاتحاد السوداني للعلماء والدعاة دخل على خط المواجهة حيث عقد مؤتمرا صحفيا حذر فيه الحكومة من (المساس بثوابت الدين واستفزاز مشاعر الشعب السوداني) كما إنتقد بشدة المطالبين بفصل الدين عن الدولة قاطعا أن 73 %من سكان السودان مسلمون، وإعتبر أمينه العام الشيخ مدثر إسماعيل أن المدنية الحقيقية تحتاج إلي تحديد.

مواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشكل الرأي العام لم تتخلف عن هذه المواجهة الدينية في السودان، فقد أنتقد ناشطون ومدونون ظهور صفحات على موقع “فيس بوك” لا تخفي حقيقة موقفها من الدين ومظاهره وتشريعاته، أبرزها صفحة (سودانيات ضد الحجاب ) التي قوبلت بإستنكار من رواد هذه المواقع لدرجة تقديم مطالبات لإدارة فيس بوك بإغلاقها.

ومقابل كل ذلك الرفض من رجال الدين وقطاعات من المجتمع السوداني لهذه السلوكيات، يبدي الطرف الآخر تمسكا برأيه في حرية المعتقد وان قناعاتهم لا تتعارض ومقاصد الدين الإسلامي الذي ينص على حرية الفرد في إعتناق مايراه مناسبا، وشن بعض منهم هجوما على رجال الدين والدعاة بتهم التشدد والفساد والسكوت عن الحق في وجه حاكم ظالم طيلة ثلاثين عاما في إشارة إلى البشير.

هكذا إذن تبدو المخاوف حقيقية أن تنجرف البلاد إلي مواجهة دينية ستكون لها إنعكاسات خطيرة ليس على مستوى السودان وحسب بل ستمتد وفقا لخبراء تحدثوا  لـ”متاريس نيوز” إلي الاقليم ودول الجوار.

زر الذهاب إلى الأعلى