آراء

رحمك الله شيخنا الحبر يوسف نور الدائم

ودعـت روحــي لا ودعتهـا أبدًا
فدى لروحي أعمامي وأخوالي
فدى لروحي روحي إذ تودعني
بوابل من سخين الدمع همّال
قامت تودعني ملتاعة عطل
ترجو نجاتي في حلّى وترحال

وكم دعت لي يوم البين جاهدة
يا ما أحيلى دعاءً من فم حال.
هذه كلماتك رحمك الله عام 1969 وأنت مقبل على (جواد الجو) في طريقك إلى مؤتمر بدولة الجزائر.

كان وداعا أودعته ديوانك الذي يججله ألق الفصحى (أنفاس القريض)، وكأني بالناس اليوم يصطفون في ديوانك الفسيح في أرض السروراب يتقدمهم أستاذك وصديقك البروف عبدالله الطيب وبيده ديوان شعر مكتوب على غلافه (برق المدد بعدد وبلا عدد)، وبمعيته علماء أتبين منهم الفراهيدي، وسيبويه، وابن منظور، وأبو حيان، والسيوطي، والزمخشري، وابن عطية، وهاهو الدكتور طه حسين يتحسس الطريق من بينهم بعصاه، وكلهم آذان لبرنامجك الفخيم (سحر البيان في تفسير القرآن).

وما أن انتهت الحلقة حتى (رفعوا الفاتحة) يودعون روحك.
روح لم يعهد من صاحبها إلا التصالح مع نفسه، لتفيض على الناس من حولها، وإذا بك قبان لاتحيد له بيضة، تجمع بين الاسلاميين، وتصل الود بين السياسيين، وكحامل مسك تنفح بالشذى على من حولك.
لن أنسى تهدج صوتك خلال مهاتفتي لك معزيا في وفاة ابنك عزام الذي استشهد غريقا، فإذا بك تردد آية الرجعى.

بفقدك يفقد السودان كوكب دري، وبرحيلك يحق للفصحى القول:
رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي
وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي.
وبذهابك إلى دار الخلود يفتقد الاسلاميون منارة، وبارتقائك يغيب عن السياسيين جودي تهفو إليه توائه السفن وشواردها، فقد كنت الناصح الأمين، والساعي بين الناس بالخير، والممسك بشعرة معاوية.

اللهم هذه شهادتنا في عبدك الحبر يوسف نور الدائم فأوجب له الجنة بلا حساب، وأفتح له في مرقده بابا من الجنة لايسد، واسقه من حوض نبيك شربة لايظمأ بعدها إلى أن يلقاك، وهبه لذة النظر إلى وجهك الكريم.
اللهم بارك في عقبه، وصله بالدنيا موصل خير إلى أن ترث الأرض ومن عليها.
والله انا لفراقك يا شيخنا الحبر لمحزونون، ولكن لانقول إلا مايرضي الله، انا لله وانا إليه راجعون.
بقلم: عادل عسوم
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى