المساومة المستحيلة

(سمعتونا في يوم جبنا سيرة علمانية ؟ سمعتونا في يوم قلنا السودان دولة علمانية ؟) – الرفيق وجدي صالح.
الإنسان العاقل لا يقبل أبداً مساومةً تقوم على فكرة ( انصروني، ولن تجدوا مني إلا عدم الوفاء لمشروعي )، وهذه المساومة مستحيلة أصلاً :
▪️ لأنها تتضمن اعترافاً كاملاً بسوء مشروعهم، وبقناعتهم بأن الأغلبية ترى سوءه، فما حاجة الناس لأصحاب مشروع يحتاجون إلى طمأنة الناس بأنهم لن يلتزموا به ؟!.
▪️ ولأن وعد التعطيل مؤقت بالفترة الانتقالية .
▪️ ولأن هذه المساومة لا تتضمن نصرةً لمشروع حق مضاد لمشروعهم بالضرورة .
▪️ ولأن التزام الناس بالتخلي عن مشاريعهم لتسكين مخاوف غيرهم يخالف طبيعة البشر. .
▪️ولوجود علامات لعدم الالتزام بالمساومة فوق تلك المظنونة بحكم الطبيعة البشرية .
▪️ ولأن هذا القول بصيغته هذه يفضح التقية، ويثبت نية التطبيق الاحتيالي الصامت ولا يؤكد الإلتزام بعدم التطبيق.
وقد أخذ تطبيق المساومة هذا الشكل:
▪️ تجاهل صاحب المساومة ميراث التسامح الديني، واصطنع اشتباكاً بين الأديان، وزعم بأن الإسلام هو الجاني فيه .
▪️وزعم بأنه لا يمكن فض هذا الاشتباك المصطنع إلا بنقض المساومة وتطبيق مشروعه العلماني، بفرض ضمني يقول إن العلمانية فوق التنوع، وليست طرفاً أقلوياً من أطرافه .
▪️ وحاول أن يوهم الناس بأن هذا الاشتباك الذي اكتشفه فجأةً، بعد المساومة، هو سبب رفضه للشريعة، لا رفضه الذاتي الأصلي .
▪️ وصاغ دستوراً معاكساً لمضمون المساومة .
▪️ وبعكس مضمون المساومة قام بفائض عمل في العلمنة لم يقابله وعد أو تبشير، على عكس حاله مع الرخاء المادي حيث فائض الوعد والتبشير اللذان لم يقابلهما عمل ..
▪️ ومضى بعيداً في مخالفة المساومة، وطبق المشروع مع إعطائه تسمية المدنية كتسمية بديلة أو كـ “قوَّاد مفهومي” إن جاز التعبير .
▪️ وأتى رئيس الوزراء و”أنجز” الكثير الذي أهله للقب مجلة ( بلومبيرج ) ذي الصلة بلب المشروع الذي وعدت المساومة بتعطيله : ( أتاتورك السودان )، دون أن ينطق بعنوان المشروع ( العلمانية ) ولو لمرة واحدة .
▪️ واعتمد التدرج الخبيث، وكان تدرجه في إباحة الخمور لغير المسلمين – كمثال – تدرجاً معاكساً لتدرج صدر الإسلام في منعها !
وبسبب التقية ولأنهم يستحون من مشروعهم :
▪️ لم يضيفوا ما حققوه في مشروعهم العلماني إلى قائمة ( إنجازاتهم ) .
▪️ ولم يضيفوه إلى موضوعات حملة ( شكراً حمدوك) الشهيرة .
▪️ ولم يتحدثوا بصوت جهير عن أضرار أصابت مشروع العلمنة جراء فض الشراكة في ٢٥ أكتوبر !
▪️ ولم يضيفوا العلمانية إلى قائمة مسوغات عودتهم إلى الحكم .
▪️ ولم يعدوا صراحةً بالانطلاق إلى خطوات متقدمة في مشروع العلمنة بعد عودتهم إلى السلطة، ومع ذلك صاغوا دستوراً أكثر علمنةً من وثيقتهم الدستورية الأولى بنسختيها .
بكل هذا، وبكثير غيره، لم يتركوا عذراً لجاهل يدعي أن التلاعب كان أخفى من أن يمسك به، وبالتالي فالذي يستمر في تأييدهم لا يخرج عن اثنين : علماني يؤيد هذه التقية ويضحي من أجلها، أو طيرة ومبارية السيرة .
*بقلم/ إبراهيم عثمان