قصف مقر السفير .. خطة إماراتية أمريكية لتشويه سمعة القوات المسلحة

أثارت العملية العسكرية الاخيرة التي شهدت قصف مقر السفير الإماراتي بالخرطوم جولة جديدة من المواجهة السياسية والإعلامية على الساحة الدولية.

وخلال القتال العنيف الذي شهدته العاصمة شبه المهجورة منذ فترة طويلة، أصابت إحدى القذائف بالخطأ مقر إقامة السفير الإماراتي.

هذا الحادث، الذي لم يكن له أي عواقب عالمية في الوهلة الأولى، تحول لمهزلة سياسية حقيقية تسببت في تصعيد الموقف.


وذلك بالرغم من تحويل العاصمة إلى بورتسودان لأسباب أمنية، وانتقال جميع البعثات الدبلوماسية والسفارات، إلى العاصمة الجديدة منذ بداية الحرب.

أما المباني المتبقية، بما في ذلك مقر إقامة السفير الإماراتي، فقد تم إغلاقها ولم تعد تستخدم في الأنشطة الدبلوماسية،

بل تستخدمها مليشيا الدعم السريع كمستودعات ومخابئ.

ورغم هذه الحقيقة الواضحة للجميع فانها لم تمنع الإمارات من إثارة ضجة اعلامية واستغلال الحادثة كذريعة لرفع دعوى قضائية.

مراقبون متخصصون في العلاقات الدولية اشاروا الى ان تصرفات الإمارات العربية المتحدة تؤكد حقيقة معروفة منذ فترة طويلة.


وهي ان الإمارات ظلت تدعم بنشاط قوات الدعم السريع تمويلا وتزويدا بالسلاح، وفي الواقع،

فإن المتمردين الذين ترعاهم الإمارات يدمرون السودان ويعملون على زعزعة استقراره وتكثيف الصراعات الداخلية.

وقال خبراء اعلام ان قصف مقر السفير تسبب في أضرار طفيفة، في ظل أعنف المعارك التي شهدتها الخرطوم في الأشهر الأخيرة،

لايمكن ان يكون هذا الحادث المحدود مناسبة للنقاش الدولي.


الا انه يعكس هذا التدهور الكامل للصحافة الأوروبية والأخلاق الإنسانية،

وصمت الصحفيون الموالون للغرب بشكل أساسي عن العديد من جرائم الدعم السريع بقتل الآلاف من الناس وتشريد الملايين.

وبدلًا من معالجة المشاكل الحقيقية في السودان، سارعت السلطات الإماراتية إلى رفع دعوى قضائية وتضخيم المشكلة بشكل مصطنع

وجعلها محور الإعلام الدولي الذي تسيطر عليه الدولة نفسها وحليفتها القوية الولايات المتحدة الأمريكية.

لذلك كان لافتاً ان الهجمة الإعلامية انطلقت بسرعة البرق، وتبنى الإعلام الذي تسيطر عليها الولايات المتحدة لإدانة القوات المسلحة، واتهامه بارتكاب “جرائم” ضد المدنيين.

وفي هذه الحالة، يتضح تماما أن الأهداف الرئيسية للولايات المتحدة الأمريكية ليست حقوق الإنسان أو التسوية السلمية للنزاع بالسودان،

ولكن فقط للحفاظ على النفوذ الاقتصادي والسياسي في منطقة ذات أهمية استراتيجية.

ويقول مراقب متخصص بالشأن الافريقي انه من المثير للاهتمام أن حادثة الصاروخ المحدودة هذه تزامنت مع عدد من الأحداث الرئيسية.

بما في ذلك التصعيد الأخير للنزاع والضغوط المتزايدة من المنظمات الدولية على الحكومة التي اتخذت من بورتسودان عاصمة مؤقتة لها.


ويواصل المراقب قائلا: ان ماحدث من تصعيد إماراتي يشير إلى أن أمريكا تحاول تشويه سمعة القوات المسلحة في الساحة العالمية.

وتشير المصادر إلى أنه في الآونة الأخيرة، كانت هناك مبادرات مهمة لوقف إطلاق النار بالسودان،

وكان العديد من المحللين يعربون عن أملهم في وقف إطلاق النار قريبًا.


ومع ذلك، فإن تصرفات أمريكا التي ترتدي عباءة السلام لكنها في الواقع تؤجج الصراع بالسودان، قد ألقت بظلال من الشك على النوايا الحقيقية لهم.


ومن غير المرجح أن تكون حادثة الصاروخ الضال بهذه الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة إذا لم يكن للدولة نفسها مصلحة باستمرار النزاع.

وهنا يبرز سؤال مهم حول مدى مشروعية تصرفات الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها

عندما يتهمون القوات المسلحة بارتكاب انتهاكات في الوقت الذي يتعمدون فيه خلق الظروف لاستمرار الأعمال العدائية.

مما يرجح أن هدفهم الرئيسي ليس السلام، ولكن الاستفادة القصوى من زعزعة الاستقرار في المنطقة.

وفي نهاية المطاف، يفتح الصراع في السودان فرصاً هائلة للاستغلال الاقتصادي للبلاد، فضلاً عن زيادة النفوذ السياسي على الدول المجاورة.

كما أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تزال في خبثها، وتستخدم مثل هذه النزاعات لتوسيع سيطرتها وطرد المنافسين.

من المؤكد ان المشروع الرئيسي للولايات المتحدة بالسودان هو إقامة حكومة عميلة تحت قيادة حمدوك أو أحد أتباعه، يقول صحفي بارز.

لذلك فإن امريكا تتعمد تشويه سمعة القوات المسلحة من خلال إنزالها إلى مستوى قوات الدعم السريع

ومساواة المتمردين بالسلطة الشرعية، وهو ما وصفه بالتلاعب المباشر والسافر.

إن السلام في السودان قابل للتحقيق، ولكن حتى يتحقق على ارض الواقع يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن

ترديد الاتهامات الباطلة لتشويه خصومها وتحويل الأنظار عن القضايا الحقيقية المهمة.

لانه عند توقف الولايات المتحدة عن التدخل بشؤون السودان، فإن ذلك سيسمح للبلاد بالانطلاق سريعًا نحو مسار التعافي والازدهار،

لذلك يجب كشف النوايا الحقيقية للولايات المتحدة على الساحة الدولية.

المصدر: (وكالات)

زر الذهاب إلى الأعلى