العيكورة يكتب: لسنا عبيدٌ أيٌها الأعراب

بقلم: صبري محمد علي (العيكورة)
ما زالت الدهشة والصدمة هن المسيطرات على اسر الشباب السودانيين الذين خدعوا بواسطة شركة (بلاك شيلد) التي تعاقدت معهم عن طريق وكالة الاميرة للسفر والسياحة للعمل كحراس مُنشآت بالامارات ولكن بعد وصولهم تفاجأوا بواقع مُخالف حيث تم (الزجّ) بهم داخل مُعسكرات للتدريب علي القتال لمدة ثلاثة أشهر على مُختلف انواع الاسلحة ثم بعدها يُخير (المُتعاقد) بين الذهاب الى ليبيا للانضمام لقوات اللواء المتمرد على السُلطة (خليفة حفتر) او الذهاب الى اليمن للقتال لجانب التحالف العربي ضد قوات الحوثي !!
الى هُنا وقد إتضح حجم المأساة التي وقع فيها خيرة شبابنا ولا نقول الا (حسبُنا الله) وقاتل الله الفقر ، استطاع بعضاً منهم الهروب من تلك المعسكرات لينقلوا صورة الغدر والخُبث التي مارستها ضدهم تلك الشركة
والسؤال المنطقي يبدأ هُنا من الخرطوم ودور الدولة من تلك التعاقدات المشبوهه وهل توجد رقابة على مكاتب التوظيف والاستخدام الخارجي وهل تضطلع اساساً على تلك التعاقدات وتتحرى حقيقتها وصحتها بل ومن حق الدولة الاستعانة بسفارتنا هناك للمزيد من التدقيق والاطمئنان على ان التعاقدات تتوافق مع قوانين منظمة العمل الدولية (بجنيف) .
لا أظن أن شيئاً من ذلك يتم على الاقل حالياً بالخرطوم في ظل حالة السيولة الامنية والفقر والعجز العام للدولة فما بالك بالاسر التي ارسلت ابنائها لكسب لقمة العيش الشريفة ، وما الوقفة الاحتجاجية لتلك الاسر الا افتضاح وصرخة في وجه اولئك (الاعراب) وعلى الدولة وفي أعلى مستوياتها ان تتبنى امر اعادة هؤلاء الشباب الى ذويهم اولاً ثم المطالبة بحقوقهم وطلب التعويض عن ما لحق بهم من ضرر نفسي واتمنى ان يتصدى الشرفاء من مُحامي بلادي والهيئات الحقوقية لهذه المهذلة والفضيحة اللا اخلاقية ورفع دعوى ضد هذه الشركة ومن يقف ورائها لدى منظمة العمل الدولية من اجل اعادة الحقوق ورد الكرامة لهؤلاء الشباب المُغرر بهم فما أقسى أن ترى (دموع) أبٍ امام كاميرات القنوات الفضائية تسيل الماً على فلذة كبده ، صورة مؤلمة وقد شاهدها الناس اهديها لمجلس السيادة المؤقر .
وما حالة الهوان التي يعيشُها هذا الوطن التي جعلت من الحُفاة رعاة الابل يستعبدون فقرنا وحاجتنا للعيش الكريم ليكون ابنائنا (مٌرتزقة)! فان لم يكن مثل هذا التصرف هو الاستعباد واستغلال الحاجة فكيف يكون الارتزاق؟ ما علاقة شركة امنية مختصة بحراسة المنشآت (بحفتر) و (الحوثي) إن لم يكُن خلف الاكمة ما خلفها ! يا اخي ان لم يتخذ السودان موقف وطني يسترد به كرامة انسانه فمتي يكون ذلك؟
على الاقل استدعاء السفير الاماراتي لمقر وزارة الخارجية بطلب الايضاح وكلمة (استدعاء) في العرف الدبلوماسي تعني الكثير ، ثم ايقاف أي نوع من انواع التعاقدات حتي يعُودُ هؤلاء الشباب (لمن رغب في العودة) الي ذويهم ، يا أخي لماذا السودان هو اليد السفلى امام هؤلاء اين عزّة النفس وهيبة الدولة ، ولماذا دوماً نحنُ (سُذّج) يسعدنا المديح والاطراء ونُطعن من الخلف في غير ما مرة ! ونُسامح ثم يُغدر بنا مثنى وثلاث !
اليس لدينا سياسيون (صعاليك) تُسلّم لهُم مثل هذه الملفات (القذرة) ليتعاملوا معها بذات المنطق؟ فيرُدون الصاع صاعين وزيادة ؟ ونضّر الله وجه السودانيين الذين حرروا الكويت مرتين والقوا بالهدايا على ارض المطار وعادوا شُرفاء مرفوعي الرأس ورحم الله الرئيس (نميري) اول من زار الامارات عندما (تشرنقت) الى دولة وكان اعترافه اغلى من كنوز الارض لهم ، حفظ الله لنا وطننا سليماً مُعافاً من تجار الحرب و(سماسرة) السلاح وصدق القائل : ـــ
لا تأسفنْ على غدْرِ الزمانِ
لطالما رقصت على جُثثِ الأسُودِ كِلابُ
لا تحسْبنْ برقصها تعْلو ُعلى اسيادِها
تبقى الاسُود اسُودٌ والكلابُ كِلابُ