مصطفى ابوالعزائم يكتب: والٍ ثلاثي الأبعاد ..!

بعد و مسافة

وجدتُ نفسي منساقاً بكامل إرادتي وراء مشروع كاد أن يصبح لديّ ولدى الآخرين حلماً مستحيلاً وهو” نظافة الخرطوم ” فلو أن قاعدة الإستقرار المجتمعي تقوم على الإطعام من الجوع ، والأمن من الخوف ، فإن زينة الإستقرار هي النظافة وبعدها يأتي التجميل والتزيين.

  أشفقتُ على مبادرة الفريق ركن أحمد عابدون حماد ، والي ولاية الخرطوم الخاصة بالإعلان عن نفرة نظافة ولاية الخرطوم ، وهي أكبر تحدٍ قد يواجه أي والٍ مع تحديات أخرى كبيرة تتصل بالخدمات التي من المفترض أن تقدمها الولاية لمواطنيها ، من صحة وتعليم وأمن ونقل ووفرة في السلع التموينية والوقود ، مع كامل الإشراف على توزيعها ومراقبة كل ذلك.
أشفقتُ على السيد الوالي وعلى مساعديه وعلى المعتمدين السبعة في الولاية ، وتذكرت أحاديث كثيرة حول الإدارة والحكم مع أخي وصديقي الأستاذ حيدر حسين ، محافظ محافظة كسلا الأسبق في العهد المايوي ، وآخر مفوض لمفوضية الخدمة العامة قبيل الإطاحة بالنظام السابق بعدة أشهر  ، فللرجل نظرة مبنية على العلم والتخصص والتجربة ، وكان يقول دائما إن الخرطوم بحجم سكانها الحالي وبمواردها الطبيعية غير المستغلة ، ومساحتها التي جعلت ثلاثة أنهر تجري على أرضها ، هي النيل الأزرق والنيل الأبيض ونهر النيل الذي يتكون فيها وينطلق من عندها ، هذه الخرطوم ما كان للقائمين بأمر الحكم والإدارة أن يجعلوا منها ولايةً واحدة ، فهي تستحق بل ويجب أن يتم تقسيمها إلى ثلاث ولايات ، وفق التقسيم الطبيعي لمناطق ما بين النيلين وشرق النيل وغرب النيل ، وهذا أمر يمكن أن يتم بحثه والبت فيه لاحقاً ، لكن وبمفهوم صديقنا الخبير الإداري الأستاذ حيدر حسين ، نقول بملء الفم أن والي ولاية الخرطوم يكون دائماً والٍ ( ثلاثي الأبعاد ) وهي مسؤولية كبيرة وعظيمة لا يقدر عليها إلا الرجال الذين نذروا أنفسهم لخدمة أهلهم ولخدمة الوطن ، وهي مسؤولية يهرب من تحملها كثيرون ، وولاية الخرطوم نفسها أصبحت ولاية متشعبة وعاصمتها التي كنا نطلق عليها إسم وصفة ( العاصمة المثلثة) لم تعد مثلثة بل أضحت مجموعة من المدن المركبة ، يقف على رأس السلطة الحكومية والإدارية عليها سبعة معتمدين ، يشرفون على تنفيذ سياسة الولاية القائمة لخدمة حوالي إثني عشر مليون نسمة هم سكان( جمهورية الخرطوم ) يزيدون ولا ينقصون.
اليوم السبت الأول من فبراير 2020م سيصبح يوماً من أيام الخرطوم الخالدات ،لأنه سيكون البداية لكنس الغبار وتصحيح المسار ، ومعالجة أخطاء كثيرة أدت إلى ما نحن فيه الآن من تردٍّ مريع في خدمات البيئة والصحة والسلامة ، مع تراكم لتلال النفايات بكل انواعها وسط أحيائها التي كنا نفخر بنظافتها وكان الشعراء يتغنون بجمالها ، ولا ننسى صوت البلبل الصداح سفير الأغنية السودانية الراحل ” سيد خليفة ” وهو ينطلق شادياً ومغنياً وسفيرا : ( يا الخرطوم العندي جمالك جنة رضوان ).
نقول في أمثالنا: (الأيد الواحدة ما بتصفق) دور المواطن مهم فالحكومة لن تنجح إن تركناها وحدها في هذا الميدان ، لابد من أن نتعاون كلنا من أجل التغيير الحقيقي.

زر الذهاب إلى الأعلى