د. عمر كابو يكتب: تداعيات استقالة إبراهيم الشيخ

في خطوة عدها المراقبون قفزاً من مركب قحط الغارقة، ها هو إبراهيم الشيخ يعلن مغادرته دنيا السياسة مستقيلاً من كافة التزاماته السياسية وعضويته الحزبية في وقت سرت فيه شائعة تربط ميقات اعتزاله السياسة بأنها محاولة جادة منه قصد أن يستبق بها عمر الدقير الذي قيل أنه كان ينتوي المغادرة هو نفسه، اختيار إبراهيم الشيخ هذا التوقيت بالذات لتقديم استقالته لا يخرج عن ثلاثة احتمالات الأول منها أنه ربما تأثر بمناخ المفاوضات مع الحركات المسلحة في جوبا والتي جوبه فيها بعاصفة من النقد والإساءة بالدرجة التي جعلته يملأ الدنيا تصريحات تؤكد استياءه و تشاومه من حدوث اختراق حقيقي يفضي إلى سلام شامل مما جعله يعود من جوبا محاصراً بكم هائل من الإحباطات، والاحتمال الثاني الذي قاده لأن يعلن اعتزاله دنيا السياسة هو ربما ارتبط بالمحاصصات التي تقسم بها الآن كيكة كراسي الحكم في البلاد من قبل قحط ومحاولتها إقصاءه من كرسي والي ولاية الخرطوم بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى وقد رأيناه يعلنها في إحدى حواراته التلفزيونية بأنه المرشح الأبرز للخرطوم.
هذا الإقصاء ربما جعله يعيش حالة من الغضب أدرك أن اليسار لا عهد لهم وعلى هذا فهو وضع ميؤوس منه فضل الابتعاد فيه والنأي عن المشاركة السياسية، أما الاحتمال الثالث ربما عزز الاحتمالين الاولين وهو ما سبق قد ابتدرنا به مقالنا هذا بأنه ربما أراد أن ينأى بنفسه عن حكومة حمدوك بعد أن رآها تسير بسرعة البرق نحو الهاوية خاصة وأن ما حدث فيها من تجاوزات سيقود قطعًا مسؤولين من حكومة حمدوك إلى محاكمات عادلة في ظل التجاوزات الكبيرة التي شهدتها ساحة العدالة والتي تم تسييس دواوين العدالة وجل مؤسساتها فلم يعد أحد من الناس يثق بأن حقوقه محفوظة ومكفولة بقوة القانون الذي يستمد أصله من وجود مؤسسات قانونية تسودها قيم الاستقلال والحياد والنزاهة والعدالة والطهر ولذلك جاءت هذه الخطوة المسرعة منه حتى لا يكون مصيره إلى (كوبر).
هذه الاستقالة فتحت باباً من تساؤلات يجب عليه أن يرد عليها بأريحية تقطع حبال الجدل والتخمين والشائعات، خاصة وأنه من أكثر السياسيين الذي توقع الرأي العام أن يتم تقييد بلاغ في مواجهته بعد أن ثبت تورطه مع النظام السابق ببعض العلاقات التي مكنته من أن يحتكر حديد جياد لكل أسواق الخرطوم بالإضافة إلى عقود امتياز أخرى في أسواق أمدرمان، تلك الشبهات التي تحوم حوله جعلته منبوذاً مكروهاً وسط جمهور الثوار.
إبراهيم الشيخ مثله مثل كبار تجار السودان تركتهم حكومة حمدوك رغم فسادهم البائن وطفقت تعتقل في رموز الإسلاميين لأكثر من تسعة أشهر ورغم أنه قد اتضح لها تماماً طهر أيديهم وعفتهم ونزاهتهم إلا أنها مازالت تصر على سجنهم، وبعد ذلك كله ما زال اليسار يفلقنا بهتافاته الخاوية الجوفاء (حرية سلام وعدالة) أليس فيهم رجل رشيد؟!!!
قناعتي الخاصة أن السودان ما بعد لقاء (برهان ونتنياهو) لن يتحمل القحاطة ولا اليسار ولذلك سيكون إبراهيم الشيخ من الذين قد خدمتهم الظروف في تقديم استقالته في الوقت المناسب؛ هذا إذا لم يكن له بالفعل خلفية وسابق معلومة بهذا اللقاء.