إبراهيم عثمان يكتب: تطبيع مع سبق الإصرار والترصد

 

لا تصدقوا التطبيعي الذي يدافع عن إسرائيل ويحدثكم عن أن أحد تبريراته للتطبيع هو أن الفلسطينيين قد استسلموا وباعوا “قضيتهم” وأنه ليس أولى بها منهم ، ففي سياق دفاع آخر عن إسرائيل سيلعن أي عمل مقاومة ضد إسرائيل ويصنفه إرهاباً يحق لإسرائيل أن تعاقب القائمين به ويجب على العالم أن يدينه!

سيتهم معظم التطبيعيين حركات المقاومة بالتهمة ونقيضها، فهي المقاومة المغالية إلى حد الإرهاب، وهي في ذات الوقت المطبعة الخائنة إلى درجة الصنيعة! سينحازون إلى فتح على أساس إنها الأقرب إلى التطبيع لكنهم سيتخذون من براغماتيها حجةً للقول : أنظروا أصحاب القضية أنفسهم قد باعوها فلماذا أزايد عليهم !

سيدافع التطبيعي عن براغماتية فتح كاعتدال وواقعية يضرب بها المقاومة، لكنه في سياق آخر سيعتبرها بيعاً للقضية يجب عليه أن يقتدي به ! إنه البيع الوحيد الذي يمدح صاحبه ويشجعه، ثم يدينه به ولا يطالبه بتركه !

ليس من السهل أن تصادف تطبيعياً لا يحب إسرائيل ولا يكره الفلسطينيين وإن أنكر، ومن لا يتسامح مع تغريدةٍ مسيئة للسودانيين من حساب لا يعلم صاحبه، سيتجاهل جرائم إسرائيلية كبرى بحق السودان منذ استقلاله، دعماً لكل متمرد، واستهدافاً لوحدته وأمنه واقتصاده !

في سياق دفاعهم عن التطبيع لن تجد إدعاءً إسرائيلياً ضد الفلسطينيين إلا وقد تبنوه بشكل أو آخر، ولن تجد جريمة ثابتة لإسرائيل إلا وقد تجاهلوها، وحكموا على إسرائيل إيجابياو بدونها أو برغمها، مغفورة أو منكورة ! يمكن لأفيخاي أدرعي، في ظل عدم قدرة الصهاينة اليهود على التسلل إلى المواقع العربية أو عدم إجادة معظمهم للغة العربية أن يعتبرهم كتائبه المتقدمة التي تنشر الدعاية
الإسرائيلية بكل إخلاص !

سيتحدث التطبيعي عن أن تطبيعه لن يجعله يتنازل عن الحق الفلسطيني، ثم لن تلبث طويلاّ حتى تضبطه في حالة تلبس تام بنكران أي حق فلسطيني، وفي سبيل ذلك سيتخلى العلماني منهم عن علمانيته ويورد حججاً توراتية عن الحق الحصري لليهود في أرض فلسطين، وسيضرب بمقولة المواطنة أساس الحقوق والواجبات عرض الحائط !

ليته كان للقدس والأقصى  وفلسطين من قلوبهم من المحبة – مما تنقله كتاباتهم فلسنا بصدد محاكمة النوايا – نصف ما لإسرائيل، ساعتها سيكونون أقرب إلى اليهود المعتدلين، أما والحال كما نرى، ففي داخل معظمهم ليبرمان، وغالبيتهم لو أتيح لهم حمل الجنسية الإسرائيلية فسيكون حزبهم المفضل هو “إسرائيل بيتنا” .

 

زر الذهاب إلى الأعلى