آراء

أسامة عبدالماجد يكتب: فشل حمدوك أم الدولة؟

* لا يوجد بالبلاد من أقصاها إلى أقصاها يدرك جيداً دور بعثات الأمم المتحدة السياسية مثل الوزير عمر مانيس، والذي شغل منصب مدير بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية (2010 -2016).. كما تبوأ منصب كبير المستشارين في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو الديمقراطية (2007 – 2010).
* السفير مانيس يدرك أن تشكيل مثل هذه البعثات يكون من جانب الأمم المتحدة بعد أن تكون توصلت لقناعة نتاج دراسة وتقارير.. أن الدولة التي ستوفد إليها بعثة، فاشلة أو على وشك الفشل.
*مدعاة ذلك، دعوة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لمجلس الأمن بإنشاء بعثة سياسية تحت الفصل السادس، بمزاعم دعم السلام .. وتشمل فرض وصاية سياسية على كامل أراضي البلاد.. في حالة نادرة الحدوث.
* يؤسفنا أن نصف الخطوة بدعوة حق أريد بها باطل .. في توقيت أكثر غرابة .. حيث ظل حمدوك يباهي بالانفتاح الخارجي الذي تحقق عقب التغيير .. وبدا فخوراً بترؤسه للايقاد .. وبمشاركته في الجمعية العامة للأمم المتحدة واعتبار ذلك انفتاحاً حقيقياً على العالم الخارجي.
* فما الذي استجد حتى يتمرد حمدوك على حكومته ويحاول التخلي عن المسؤولية التي رويت بدماء شباب بهذه الطريقة.. بعيداً عن شرح مهمة البعثة الأممية (السياسية) دون استخدام السلاح.. أنظروا إلى الدول التي حلت بها بعثات كالتي يطالب بها حمدوك.
* مثل ليبيريا، بورندي، سيراليون، أفريقيا الوسطى، غينيا بيساو، الصومال، السلفادور، هاييتي، غواتيمالا، تيمور وأفغانستان.. جميعها دول هشة وشهدت حروب واقتتال قبلي وجهوي وبعضها تخلو من ملامح حكومة وسيادتها منقوصة إن لم تكن منعدمة.
* لم تصل بلادنا لهذا السوء .. في أحلك الظروف أصلحت الخرطوم ذات البين بين فرقاء دولة الجنوب، التي لو لا قادة السودان لانهارت .. كما ضمد السودان جروح أفريقيا الوسطى.. ثم إن السودان قابل لتنفيذ ركائز الحكم الرشيد الأربعة * والتي هي معايير تقاس بها وزن الدولة وهي (المشاركة، المساءلة، الشفافية وسيادة حكم القانون) .. وحققت بلادنا في أوقات سابقة اتفاقات سلام حازت على رضا دولي كبير أبرزها نيفاشا.. فضلاً عن أن مساعي إحلال السلام لم تتوقف يوماً.. غض النظر عن الكيفية ومنهج التوصل لسلام.
* ويعتبر السودان الدولة الوحيدة من بين نحو (17) دولة بالعالم بها قوات حفظ سلام طالبت بخروج قوات (يوناميد) .. فكانت استراتيجية الخروج بنسبة كبيرة بشهادة مجلس الأمن الذي أكد تحسن الأوضاع في دارفور.
* إن الصراع حول السلطة رغم مافيه من كيد سياسي، واغتيال معنوي .. إلا أن السيادة الوطنية لم يتم المساس بها، كما يحدث الآن .. خاصة وأن دعوة حمدوك تضمنت نشر مستشارين من شرطة الأمم المتحدة.. رغم المكانة الكبيرة التي تحتلها الشرطة السودانية بالمنطقة.. إن الدعوة تنطوي على مؤشر خطير، فالدول المذكورة أعلاة شهدت صراعات شملت كل أرجائها .. عكس بلادنا إذ انحصرت (يوناميد) في مكان النزاع فقط.
* يبدو أن حمدوك توصل لقناعة أنه فشل .. فتراءى له أن الدولة فاشلة.

زر الذهاب إلى الأعلى