د. عمر كابو يكتب: الجيش

(هذا البلد لن يتقدم إلى الأمام خطوة إذا لم تتم إقالة كل الوزراء) هذه العبارة التي بين القوسين مفتتح هذا المقال لم أقلها وإن كنت مقتنعًا بما حملته من معنى ومضمون.
وإنما قالها والي النيل الأبيض وهو يغادر البارحة الولاية عائداً إلى فرقته العسكرية بعد أن وصل إلى قناعة مفادها أن حكومة حمدوك لا تملك ما تقدمه لهذا الشعب لأن وزراءها غير مؤهلين فنياً كفاءة واقتداراً لإدارة الأزمات التي تحيط بالبلاد، حتى الحلول المقدمة منهم لا تكفي كلمة السذاجة لأن تصفها وتعبر عنها.
ولأدلل على ذلك فقد طرح وزير الطاقة خطة بائسة لتوزيع الوقود معتمداً فيها على ترقيم اللوحات ونسي أن هذه اللوحات يمكن أن تستبدل ويتم تبادلها بين السيارات ولا يحول بين تغييرها من سيارة وسيارة أكثر من (تفكيك) صامولتين بالتمام والكمال أقل من المدة التي تم فيها إجازة قانون (تفكيك) النظام السابق.
دعكم من هذا فقد طرح فكرة تخصيص بعض المحطات لبيع الوقود بالسعر التجاري وعد ذلك خطوة قوية في اتجاه رفع الدعم لأنه ليس من المعقول ولا المنطق أن تكون لديك محطتا وقود إحداهما سعرها تجاري والأخرى مدعوم.
وهذا مجرد خدعة لا تنطلي على المواطن ولا تغيب عن فطنة وذكاء هذا الشعب اللماح إذا أنها بالفعل خطوة لرفع الدعم عن الوقود ومن المفيد أن رفع الدعم عن الوقود والخبز يجب أن يتم برضا وعلم الشعب هو وحده من يملك هذا القرار.
فإن اتخذه حينها سيكون مسؤولًا عن تبعاته وآثاره السيئة والسلبية في معيشته وتفاقم الأزمة وارتفاع الأسعار والذي قطعاً ستتبعه ضائقة اقتصادية ستزيد الفقراء فقراً وربما أودت بحياة الكثيرين منهم جوعاً و مرضاً بسبب عدم قدرتهم على توفير الخبز والدواء.
فإذا ما أضفنا إلى ذلك سيئات أخرى لهؤلاء الوزراء كونهم لا يحسنون تقدير الأشياء ولا يزنون الأمور بميزان المنطق والحكمة كما فعل مدني عباس مدني يوم وعد الشعب بأن يحل مشكلة الخبز وإنهاء أزمته وانتهاء صفوفه.
فاكتشف الشعب أنه يخدعه ويكذب عليه ويحاول تخديره لأنه ليس من المتصور أن من في مركزه ليست له معلومات تفصيلية أو لا يدرك ما يحيط بملفه من تعقيدات تجعل إطلاقه مثل هذه التصريحات صورة من صور عدم الشفافية مع مواطنيه والتعامل غير المسؤول والجاد في إدارة أزمة الخبز.
بقي أن تقديم هؤلاء الولاة العسكريين استقالاتهم في هذا التوقيت يشكل بداية أزمة جديدة في ظل مغادرتهم مواقعهم وولاياتهم تشهد اختناقات حادة في كل شيء.
رأيت أن كل قرار تتخذه هذه الحكومة يعد كارثة عظيمة تضاف إلى كوارث البلد العظام وتقوده إلى مزيد احتقان واشتعال، مما يجعلني أقول مطمئنًّا إزاء هذه الأوضاع أنه لا يمكن لهذه البلاد أن تنهض من كبوتها إلا أن تتقدم القوات المسلحة لاستلام السلطة على أن تتحمل مسؤوليتها ومن ثم الإسراع في الدعوة إلى انتخابات حرة ونزيهة فوراً وإلا فلا تنتظروا غير البوار والدمار، الوضع أصعب مما يمكن تصوره في كلمات.