إبراهيم عثمان يكتب: الفشل حين يسمن ويغني من جوع

كم يحتاج المرء من الغباء وإدمان العلف القحطي ليقتنع بأن إصلاح عطب في الخط الناقل للبترول هو إنجاز كبير يستحق هذا السيل من التصريحات والمانشيتات والصور والمنشورات المليئة بشكراً حمدوك ؟ ويتغافل عن هذه الحقائق :
– أن العطل نفسه يثير الشكوك حول قدرة كوادر أحزاب الفكة اليسارية على التشغيل.
– أن جملة أداء اليسار في مختلف المجالات ينقلنا من سؤال القدرة على الإنجاز الذي كان هو السؤال الأول في الماضي إلى سؤال التشغيل والتسيير . والشواهد على ذلك كثيرة.
– أن الإنقاذ أنشأت الكثير من الصروح من العدم (منظومة البترول، منظومة الصناعات الدفاعية، جياد، الجامعات، منظومة السدود.. إلخ) وأن ذلك كله قوبل بالتبخيس من جانب أحزاب الفكة اليسارية، لكن هذه الأحزاب جعلت مجرد تمكين كوادرها في هذه المؤسسات وتسييرها هو إنجاز تخصص له الحملات الإعلامية المنسقة تحت شعار شكراً حمدوك!
– أن الفهلوة وصلت بأحزاب الفكة اليسارية حد الإستثمار وجني الأرباح حتى من فشلهم في التشغيل، مثلاً واقعة عطل أنبوب النفط استثمرت فيها لتحقيق عدة أغراض (١/ رفع الدعم المموه عبر اسم الدلع “وقود تجاري”، ٢/تحميل مسؤولية العطل للخصوم، ٣/ مزيد من التمكين اليساري، ٤/وبعث الروح مرة أخرى في “شكراً حمدوك”) .
– أن الاستغفال واللعب بالعقول والحرص على الاستثمار في الفشل إلى أقصى حد ممكن قد وصل حداً جعل الصحفية سهير عبد الرحيم تكتب مقالاً تحت عنوان (الفارغة والمقدودة) لتحصي فوائد أخرى للفشل، وخلاصة المقال هي (في السابق كان يكفي أن يعن المزاج لأحدهم ليقتحم خصوصية وقت عملك لمجرد أن يحتسي فنحان قهوة أو كوب شاي أو يتجاذب حديثاً لا يسمن ولا يبغني من جوع .. الآن انخفض الزحام في شوارع الخرطوم إلى النصف .. الآن ومع أزمة الوقود والسعر التجاري للوقود سيفكر الكثيرون قبل إدارة سياراتهم … قبل أن تكون ثورة وعي ومفاهيم فإنها ثورة لتغيير السلوك السوداني .. زمن الجرجرة والونسة وكسير الزمن انتهى )!
كم نسبة الأغبياء الذين سيقتنعون بأن هناك فارغة ومقدودة أكثر من هذا المقال نفسه ؟