د. عمر كابو يكتب: الكل يغرق
ما حدث من حراك في السودان والذي تمخضت عنه ثورة شعبية وجدت تأييداً كبيراً وواسعاً من الشعب حتى الإسلاميين اتفق أكثرهم معها أو على الأقل لم يسبح عكس تيارها فبعضهم ساندها وبعضهم التزم الحياد ومعظمهم لم يعارضها لأول وهلة.
إذن وجدت الثورة دعماً شعبياً منقطع النظير والسبب في ذلك أن الأزمة الإقتصادية الطاحنة التي ضربت البلاد هي ما جعلت الناس تقتنع بضرورة حدوث تغيير يفضي إلى حياة أفضل.
حياة رخاء وتقدم وازدهار واستقرار بدرجة أفضل مما كان عليه الشعب السوداني في فترة الإنقاذ (ما قبل الثورة) ومن يدعي ذلك إما أنه مخبول أو أنه يغالط حقائق الأشياء.
الأمنيات بحياة مخملية رغدة لم تأتِ من فراغ وإنما كانت مخاضاً طبيعياً لخدعة وكذبة سوداء خدعه بها الحزب الشيوعي عبر مخطط دقيق ولئيم يوم صور وقدم له حمدوك في شخص الزعيم المخلص والملهم والساحر الذي بيده حل كل مشكلة.
وقدمه أيضًا كعبقري زمانه والوحيد الذي يدين له الغرب وتطيع أوامره بيوتات التمويل ويدين له صندوق النقد الدولي بالولاء والطاعة العمياء هكذا صوروه للرأي العام.
فتم تسويقه بتلك الصفات وأوهموا بها الشعب السوداني بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك فحولوه إلى أغنية وأنشودة عذبة في شفاه الشباب بل أيقونة يردد اسمها وتهتف به الكنداكات حتى غدا اسم حمدوك على كل لسان (شكراً حمدوك).
لكن ولأن الحق أبلج والكذب لجلج لم تمض سوى شهور معدودة حتى اكتشف الشارع أن الرجل خالي الوفاض ليس فيه من صفة تجعل الشعب السوداني يصطبر عليه ويأمل في قيادته.
فتحولت أحلام المواطن الذي كان يأمل في تحول إيجابي في معيشته لأقل طموح بالدرجة التي بدأ يتمنى عودة عمر البشير، تغيرت نظرة الشباب الثوار في حكومة حمدوك من حكومة تصنع المستحيل والمستقبل الأخضر وتستشرف آفاق التنمية والرخاء والرفاهية إلى مطالبات بتوفير الخبز والبنزين والغاز وتحسن المواصلات.
ثورة كل أمانيها العراض السابقة بغد مأمول وبوعد أخضر وبشارات الرضا حولتها حكومة حمدوك بقدرة قادر إلى طلبات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها سهلة ميسورة يمكن أن يوفرها أي حاكم بعيدا عن المزايدة والصراخ والهتافات الماجنة.
نحن شعب يجيد التسكع أمام الحقيقة والحقيقة واضحة أن حكومة حمدوك بلا خطة واضحة المعالم وقد قالها هو نفسه حين صرح في السعودية بأنه في انتظار خطة قوى الحرية و التغيير والذين لم يقدموها له حتى الآن.
والحقيقة أيضًا أن حمدوك بلا قدرات؛ فقدراته عاجزة عن إدارة أيسر الأزمات والدليل على ذلك أننا نتقهقر للوراء بسرعة البرق بل كل يوم يمر تزداد الآلام والأوجاع على المواطنيين.
أجزم بأن كل الناس أيقنوا أن الرجل بات وجوده مشكلة لكن هناك من يكابر وهناك من يخشى السخرية والازدراء كونهم (عرضوا في دلوكته) لهؤلاء نقول الوضع لم يبق لأحد مجال للضحك والسخرية فالكل يصرخ ويتلوى وينتحب والوطن يغرق .. فهل من منقذ؟؟!!