سناء حمد تكتب: كورونا كارثة تتمدد

اغلقت البورصات العالمية امس التداول الأسبوعي على خسارة بلغت 6 ترليون دولار ..،كأكبر خسارة منذ عام 2008,، وذلك بسبب فايروس كرونا الجديد (nCoV 2019).
وفي مقال مهم للمحللة الاقتصادية الفرنسية في صحيفة دي لا فيغاروا ” آن دي غينييه ” قالت إن الأزمة الاقتصادية القادمة المروعة والمتوقعة قد تكون بسبب هذا الفيروس الجديد.
مشيرة إلى أن كل شيء يعتمد على تطور الوباء في الأسبوعين المقبلين، وعلى قدرة الدول على مواجهته، وقد سبقتها في الرياض “كريستالينا جورجيفا “مديرة صندوق النقد الدولي في كلمتها في ختام اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين قائلة : إن حالة عدم اليقين بشأن السيطرة على فيروس “كورونا الجديد” تتطلب الاستعداد لمزيد من السيناريوهات السلبية خلال 2020، متوقعة آثارا سلبية على النمو الاقتصادي للصين وجميع دول العالم بسبب الوباء وأكدن انه ” سيكون من الحكمة الاستعداد لمزيد من السيناريوهات السلبية”.
نتائج البورصة اعلاه أتت لتؤكد على التوقعات السالبة لحركة الاقتصاد العالمي المترابط بصورة تجعل حجم التأثيرات المتبادلة فيه عموماً كبيرة ، فلقد هبط سعر برميل النفط لأقل من 50 $ ، بسبب قلة الطلب العالمي من الصين ” مصانع كثيرة مغلقة وحركة المواصلات العامة محدودة”، وكذلك لتأثر قطاع الطيران عامةً بالفايروس ، واذا استمر الوباء فسينتقل اثره لقطاع الصناعة .
اكبر المتأثرين بهذا الوضع هي الدول المنتجة وعلى رأسها السعودية وروسيا ..والسعودية لديها مشكلة اخرى ان موردها الثاني وهو العمرة والحج، الذي سيتأثر اذا استمر الوباء فقد بدأ الحديث فعلاً عن احتمال إلغاء موسم حج هذا العام ، وهذا يرشح الاوضاع الاقتصادية فيها للتعقيد مما سينعكس بالدرجة الاولى على اوضاع العمالة الأجنبية في سوق العمل السعودي .
اما الامارات ، فإن ابو ظبي بعد مفاوضات مع عدد من البنوك تمكنت في سابقة هي الاولى من نوعها في الحصول على قرض بقيمة 2 مليار $ .. وعند قراءة هذا مع انخفاض سعر النفط المصدر الاول لدخل الإمارة القوية ، وربط ذلك مع التوقعات السالبة لسوق السياحة والخدمات الذي تعتمد عليه إمارة دبي، يمكننا حينها تصوّر حجم الأزمة المتوقعة هناك حال استمرار الوباء في التمدد.
الدول التي تعتمد على السياحة شأنها وشأن السعودية ودبي سيتلقى اقتصادها ضربة مؤذية حال لم يُسيطر على المرض ، وهنا تبرز بريطانيا وفرنسا وتايلند وتركيا ومصر وإيطاليا واليونان وقبرص ، وجميعها عدا تركيا اقتصادياتها ليست في افضل حالتها .
يبدو ان مرض كرونا كان يستحق عنوان مجلة الايكنومبست الاخير والذي امتعضنا منه، ولكنه الان وبعد يومين فقط من نشره يبدو واقعياً، سيكون للفيروس اذا لم يسيطر عليه خلال الأسابيع القادمة آثار كارثية على الاقتصاد العالمي المنهك ومن ثم على الاستقرار السياسي .
السودان ليس معزولاً عن هذه التأثيرات ، فربما انخفاض قيمة برميل النفط قد يساعد الحكومة في معالجة أزمة الوقود المستفحلة ، ولكنه من ناحية اخرى سيفتح الباب لمتوالية من الآثار الاقتصادية الخطرة مثله ودول الإقليم من حوله.